في شمالي أفريقيا - أو الجناح الغربي للجامعة العربية كما يحلو لسعادة عزام باشا أن يدعوه - بلبلة نفسانية سيئة إذا لم تعالج فإنها ستصيب النضال ضد الاستعمار في ذلك الجزء من الوطن العربي بنكسة خطيرة.
فقد اطلعت على تقرير وضعته دائرة الوصاية في هيئة الأمم في لايك سكسس عن حالة العرب في ظل السيطرة الفرنسية، فإذا به يذكر صراحة أن فرنسا كانت تنتظر غضبة نارية من عرب مراكش والجزائر وتونس لموقف فرنسا العدائي من قضية فلسطين تكون أشد وأعم من هذه الحماسة وهذا الجود بالمال والمتطوعين الذين بدوا من عرب المغرب منذ أن اتخذ هذا التحدي الصهيوني هذه الخطورة.
وليست هذه الكلمة محاولة للانتقاد، ولا هي كذلك محاولة للدفاع والتبرير، وإنما هي عرض لهذه البلبلة النفسانية التي تجتاح الوعي القومي هناك، والتي دفعت ضعاف النفوس من أمثال فرحات عباس إلى أن يقول في جريدة لامبسيون المغربية:
(إن الوحدة العربية مهزلة ليس فيها من عناصر الجد شيء. إننا جزء من الوحدة الفرنسية فمصلحتنا وكياننا وحتى اتجاهاتنا العاطفية تتطلب ذلك).
والواقع أن التطورات في مجرى الحملة الفلسطينية تركت أثراً لعيناً في مناطق السيطرة الفرنسية والأسبانية في شمالي أفريقيا في موقف السلطات الاستعمارية وفي نشاط حركات التحرر الوطنية.
والحقيقة التي قل أن تعالجها ألسنة الرأي العام العربي هي تشابك الصراع بين حركات التحرر الذي في شمالي أفريقيا وبين مثيلاتها في الشرق الأدنى وخطورة هذا التشابك في معالجة هذه الحركات جميعها. فهو مستمد من حيوية الموقع الاستراتيجي لشمالي أفريقيا العربية في خطط الانجلوسكسون العسكرية التي تعد الآن للفصل في هذه الحرب الباردة التي تدور رحاها بين الروس وحلفاء الغرب.
إن موقع شمالي أفريقيا الاستراتيجي للملاحة البحرية والجوية ومواضع القفز إلى القارة الأوربية، مضافة إلى الموراد الاقتصادية الوافرة من الفحم والأورانيوم والبترول أيضاً -