هذا صاحبي انضم على أشجانه حيناً من الزمان، يكتم الأسى بين جوانحه ويدفن الضني بين ضلوعه حتى أثقله الهم وأرهقه الوجد، فجاء ينثر عبرات قلبه بين يديك علك تسمع فيها أنات روحه الحزينة أو تحس وجيب فؤاده الكسير، فتلفحك حرقة اللوعة أو تهزك سفعات الضيق، فتهديه إلى الرأي الذي عذب عن فكره وتبصره بالصواب الذي ند عن عقله. فهل تعينه برأي منك فيه العقل والصواب؟
كامل
يا عجباً! ما للطبيعة الوادعة تثور على حين فجأة فيضطرم لظى الغيظ في جوانبها ويحتدم أوار الغضب في نواحيها، فلا تسكن غائلتها إلا أن تنثر معاني الموت والدماء في ثنايا الحياة الوثابة، وإلا أن تنفث آثار الخيبة والضياع في زوايا الأمل الباسم، وإلا أن تبذر غراس الأسى والكمد في أضعاف القلوب الهادئة المطمئنة؟
يا لقلب الإنسان حين تتناوحه ثورات الطبيعة الجارفة فلا يجد مفزعاً من الرياح الهوج وهي تعصف حواليه زقرافة تريد أن تلفه في إعصار من الهم، ولا من الموج العاتي وهو يهدر مهتاجاً يحاول أن يبتلعه في يم من الوجد، ولا من الصواعق القاسية وهي تنحط عليه لتنفضه بين شحنتين من الضيق والملل، ولا من البركان وهو يقذفه بالحمم لظى يتوقد وهيجه يبتغي أن يحرقه بنار الشجن!
يا لقلب الإنسان حين تتعاوره ثورات الطبيعة الجارفة فلا يجد مفزعاً إلا أن يسمو عن النزعات الترابية، وإلا أن تعلو روحه عن المعاني الأرضية، فيقبس من نور السماء الهدي والراحة والسكينة حين يطمئن قلبه بالايمان وتهدأ خواطره بالعقيدة
جلس إلي صاحبي بعد أن حجبته نوازع العيش عني سنوات، فعز عليّ أن أراه خاشع