للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>

[للتاريخ السياسي]

جهود المستر تشمبرلين وما أدت إليه

للدكتور يوسف هيكل

من الممراندوم إلى مؤتمر مونيخ

ظنت الدوائر السياسية أن الأزمة الدولية قد انفرجت بقبول تشيكوسلوفاكيا مشروع لندن، وهو عبارة عن تحقيق مطالب الهر هتلر. وغادر صباح ٢٢ سبتمبر (أيلول) المستر تشمبرلين لندن إلى ألمانيا مرتاح النفس مطمئنها. وقبل صعوده إلى الطائرة قال: (إن تسوية المشكلة التشيكوسلوفاكية تسوية سلمية تعد شرطاً أساسياً لتفاهم الشعبين الإنكليزي والألماني. وقد كان هذا الشرط أيضاً أساساً ضرورياً للسلم الأوربي الذي ترمي إليه جهودنا، وإني أرجو أن تفتح زيارتي الطريق التي تؤدي إليه)

وبعد ظهر يوم وصوله إلى (كودسبرغ) اجتمع بالمستشار الألماني، وعرض عليه ما اتفقت عليه حكومتا لندن وباريس، من التنازل عن الأقاليم السوديتية لألمانيا، وتعيين حدود جديدة لتشيكوسلوفاكيا، وضمانها ضد الاعتداء غير المحرض عليه

لم يعترض الهر هتلر على فكرة الضمان، غير أنه أبان لا يضمن الحدود الجديدة إلا إذا كانت الدول الأخرى، ومن بينها إيطاليا، ضامنة لها أيضاً؛ وأنه لا يشترك في الضمان الدولي لتشيكوسلوفاكيا إلا بعد أن تنال الأقليات الأخرى فيها مطالبها. أما الاقتراحات الثانية التي وضحها له المستر تشمبرلين، فلم يقبلها الهر هتلر، بحجة أنها لا تحقق حلاً سريعاً، وتعطي فرصاً عديدة للتشيك للتهرب منها. وقد أصر على ضرورة حل سريع للمشكلة التشيكوسلوفاكية، وأخذ يوضح للمستر تشمبرلين نوع هذا الحل الذي وضعه فيما بعد بمذكرة (ممراندوم)

كم كانت دهشة المستر تشمبرلين عظيمة عند ما وجد نفسه في وضعية لم تكن منتظرة قط. إنه كان يعتقد اعتقاد اليقين، أن ما عليه عندما يذهب إلى كودسبرغ إلا أن يبحث مع الهر هتلر الاقتراحات التي قدمها إليه، بحثا هادئاً يؤدي إلى الاتفاق السريع عليها. لأن الهر هتلر أعلم المستر تشمبرلين في برختسكادن أنه إذا قبل مبدأ حق تقرير المصير، فإنه

<<  <  ج:
ص:  >  >>