للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>

[صفحة مطوية من تراث العرب العلمي]

لِلأستاذ قدري حافظ طوفان

لا أظن أن عالماً أصابه الإهمال كالخازن. ولا أظن أن الإجحاف الذي لحق بمآثره لحق بغيره من نوابغ العرب وعباقرتهم؛ فلقد أدى ذلك الإهمال وهذا الإجحاف إلى الخلط بينه وبين علماء آخرين فنسبت آثاره لغير كما نسبت آثار غيره له. وقد وقع في هذا الخلط بعض علماء الغرب وكثير من علمائنا ومؤرخينا. قال (درابر) الأمريكي إن الخازن هو الحسن بن الهيثم وإن ما ينسب إلى ما يُسمى (بالخازن) هو على الأرجح من نتاج ابن الهيثم. وخلط الأستاذ منصور حنا جرداق أستاذ الرياضيات العالية بجامعة بيروت الأمريكية في محاضرته عن مآثر العرب في الرياضيات والفلك بين الخازن وابن الهيثم، يتجلى ذلك في قوله: (ومن أشهر المشتغلين بالفلك والطبيعيات في الأندلس أبو الفتح عبد الرحمن المنصور الخازني الأندلسي الذي عاش في أواخر القرن الحادي عشر للميلاد وأوائل القرن الثاني عشر للميلاد، وألف مؤلفاته الشهيرة في النور وآلات الرصد وأوضح مقدار الانكسار. وألف في الفجر والشفق وعين ابتداء كل منها وقت بلوغ الشمس ١٩٠ درجة تحت الأفق. . . الخ)

ونحن هنا أمام خطأين: الأول في اعتبار الخازن من الأندلس وهو في الحقيقة من مرو من أعمال خراسان.

والثاني في أن المآثر التي أوردها الأستاذ ليست للخازن بل هي من نتاج ابن الهيثم. وأكبر الظن أن ما وقع فيه الأساتذة والعلماء من أخطاء يعود إلى الوضع الإفرنجي للاسمين فأكثر الكتب الإفرنجية حين تكتب الحسن بن الهيثم تكتبه - وحين تكتب الخازن - فظن أن كثيرون أن هذين الاسمين هما لشخص واحد لم يدققوا في حروفهما مما أدى إلى التباس الأمر عليهم ووقوعهم في الخلط والخطأ.

وسنحاول في هذا المقال أن نبين مآثر الخازن في علم الطبيعة وأثره في بعض بحوثها جاعلين نصب أعييننا إنصاف عالم هو مفاخر الأمة العربية ومن كبار عباقرتها من الذين عملوا على إنماء شجرة المعرفة وساهموا في خدمتها ورعايتها

والخازن من علماء النصف الأول من القرن الثاني عشر للميلاد وهو أبو الفتح عبد

<<  <  ج:
ص:  >  >>