يناقش الدكتور عبد الوهاب عزام الأستاذ أحمد أمين في رأيه عن التجديد في الأدب، وقد دفعتني هذه المناقشة إلى إبداء رأي وذكر مناقشة، أما الرأي فهو: إن المعاجم اللغوية التي يقول الأستاذ أحمد أمين إن فيها (ألفاظا كثيرة ليس لها قيمة الا أنها أثرية تحفظ فيها كما تحفظ التحف في دار الآثار)، في هذه المعاجم ألفاظ كثيرة لها قيمة عظيمة عند من يحسن الأداء بها في مواقعها وكثير منها يؤدي لنا عن معان كنا نظن أن ليس لها في الألفاظ العربية ما يدل عليها، فالبحث عن هذه الألفاظ واستعمالها يزيد من غير شك في حيوية اللغة ونمائها، وقد فعل الدكتور محمد شرف والدكتور أحمد عيسى شيئاً من ذلك في معجمهما عن الحيوان والنبات، فكشفا في هذه القواميس عن ألفاظ عربية لنباتات وحيوانات كنا نستعمل عند الدلالة عليها أسماءها العلمية اللاتينية. وذلك لظننا خلو لغتنا من أسمائها.
وأما ما ذكره الأستاذ أحمد أمين من إلغاء هذه الألفاظ لأن الذوق العام للقراء لا يسيغها الآن، فأنا أظن بأن درجة المعرفة التي يصل إليها جمهور القراء ليست كافية للاعتبار والحكم على اللغة والكاتبين، والكاتب النافذ البصيرة له أن يقدم لهذا الجمهور القارئ ما يرى أنه مفيد من الألفاظ للإبانة عما يريد من معنى أو إحساس، ولو كان الجمهور القارئ لا يعرف هذه الألفاظ أو لا يسيغها ذوقه، ولكن المهم أن يقتصد في ذلك على الضروري المفيد ولا يتعمد الأِغراب.
هذا مع ملاحظة أن ما لا يسيغه ذوق الجمهور هو الأقلية من هذه الألفاظ المهجورة.
هذا عن رأيي، وأظنني فيه قريبا من الدكتور عزام وإن كنت أخالفه في بعض الشواهد التي أوردها في مقاله وفي بعض الآراء كذلك.
وأما عن المناقشة فقد جرت منذ شهور بيني وبين كاتب من كبار كتابنا المتحمسين لتبسيط اللغة، وكان يقول إن هذه الألفاظ الموجودة في القواميس هي مثل الزوائد والبقايا الأثرية في جسم الإنسان (كالزائدة الدودية وعجب الذنب مثلا) ويجب علينا طرحها لنكسب الوقت والسرعة، فقلت أنا، إن في هذه القواميس ألفاظا تؤدي لنا عن معان نتحير الآن في الأداء عنها بكلمة واحدة، فنعبر عنها بجملة أو سطر، فلو أننا استعملنا هذه الألفاظ وأشعناها لاكتفينا بلفظ واحد عن هذه الجملة أو السطر، فكسبنا بذلك الوقت والسرعة ولفظاً جديدا يزيد في لغتنا سعة، فقال: اذكر مثلا، قلت: أقرب مثل هو صديقك فلان الذي عرفتني به