للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

[صور من الحياة]

رجُلٌ!. . .

للأستاذ كامل محمود حبيب

يا رجل! لست رجلاً إلا أن تعتز بالشرف والكرامة وإلا أن تعتز بالشرف والكرامة وإلا أن تفخر بالشهامة والإباء أن تتشبث بالرجولة والعفة، لا يغنيك عنها أن تبدو أنيق اللباس نضير الإهاب بهي الطلعة.

عرفتك يا صاحبي - أول مرة - فتى في مقبل العمر وزهرة الشباب تتأنق في لباسك وتتألق في زينتك حسن الهيئة والشارة يتضوع العطر من جوانبك وتفوح رائحة الأنوثة من أعطافك، فأنت متكسر الرجولة لين العود فاتر الهمة، وعجبت - أول ما عجبت - أن أراك في زي ذوي الثراء والغنى وأنت موظف حكومة لم يبلغ راتبك إلا تسعة جنيهات، وأن تبذل في بذخ وإسراف وأنت لا تملك شيئاً غير راتبك، وإن الموظف - وإن علت درجته - ليعاني الجدب والإمحال من شدة الغلاء ويقاسي الضيق والعنت من قلة الدخل، فهو يأكل التافه بقدر ويلبس الخلق البالي، ويحمل نفسه على شظف العيش ويصبر على بؤس الحياة. وراعني أن أرى زملاءك في المكتب يقابلونك في ابتسامة ساخرة وأفزعني أن أجد أترابك في الديوان يتهامسون فتطوف همساتهم حولك بسوء، فجلست إلى زميل لك استشف خبرك وأستجلي قصتك، فقال:

هو فتى - كما ترى - واهي الرجولة صغرت نفسه من الشهامة، يتهاوى ضعفاً وأنوثة، فهو بيننا أحدوثة قذرة تمجها الألسن وتعانقها الأنفس، وهو يحس منا فنوناً من الازدراء ويلمس ألوناً من الاحتقار، ولكنه لا يرعوي ولا يرتدع كأنما استمرأ حياة الذلة والضعة حين جعل المالمنتهى غايته.

قلت: وماذا يضير المرء إن جعل المال بعض همه لينفذ منه إلى متعة نفسه وسعادة قلبه وهدوء باله.

قال: ولكنه يتخذ إلى المال سبيلاً معوجاً يتنافى مع الكرامة والشرف. . . أما قصة الفتى فهي:

عشت أنا وهو حيناً من الزمان زميلين يربطنا عنت العمل وقسوة الرئيس وتضمنا أواصر

<<  <  ج:
ص:  >  >>