للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

[القصص]

قصة في رسالة

سيدي الطبيب:

إن المصادفات المشئومة والحظوظ السيئة، ساتقتك الي وعرفتك بي، ما كنت أظن أن أمراً تافهاً ستكون نتيجته وخيمة إلى هذا الحد!

قبل أيام وقفت عجلة كبيرة مملوءة بالأثاث أمام الدار المواجهة لدارنا، فرغبت أن أعرف وأنا في نافذتي أولئك الذين سيكونون جيراننا في هذا الصيف، فرأيتك عاري الرأس تأمر وتنهي وتساعد الخدم كلما قضت الحاجة بذلك، ثم رفعت رأسك نحو نوافد غرفتي: وكانت - ياللأسف - نافذتي مفتوحة، فرأيتني - ويا ليتك لم ترني - أجل، رأيتني وأنا أبتسم، وكنت السبب في تلك الابتسامة، لأن انهماكك في تفريغ العجلة وأوامرك التي لا حد لها ولا نهاية كانت مضحكة جداً. فالذنب إذا ذنبك وتبعته عائد عليك. ثم رأيتني مرة ثانية وأنت ترسل ستائر نوافذ بيتك، في تلك الأثناء وجهت بصرك نحو نوافذنا وابتسمت لي فهذا ذنب ثان كان منك، كنت أظن أن هذه الأشياء تافهة في ذاتها وأنها لن تبقى راسخة في مخيلتك عالقة بذهنك، ولكني في ملاقاتي الثالثة علمت أنك أعطيت ذلك من الاهتمام شيئاً كثيراً.

أظن أن ذلك كان بعد عشرة أيام، خرجت مع والدتي من البيت فرأيتك مقبلا من الشارع الذي أمامنا، ولكنك في هذه المرة لم تبتسم لي - وياليتك أبتسمت - ولو فعلت ذلك لما اكترثت بل كنت أعدك ككثير من الرجال الذي يبتسمون لكل انثى يصادفونها في طريق. انك لم تبتسم بل اصفر وجهك، وفي أقل من ثانية لم يبق فيه أثر للدم كأنه انسحب ليجتمع في قلبك فقط. ما هو سبب ذلك؟ ولماذا اصفر وجهك؟ كان يجب أن تلحظ أن حالة كهذه أمام الفتيات توجب لهن القلق وتسبب الاضطراب، وهذا الذنب الثالث أوجهه اليك أيضاً، بعد أن مررت قالت والدتي: (أليس هذا الرجل هو الطبيب الذي سكن أمامنا؟) ولا أدري لماذا كذبت عليها وقلت (لا أعرف) مع أني كنت أعرف جيداً أنك في هذا الصيف نزيل الدار التي امامنا.

وكانت مقابلتي الرابعة لك في النزهة، وفي هذه المرة لم يبخل بالابتسام فقط بلبخلت بالنظر أيضاً، يالله ما أشد أصفرار وجهك إذ ذاك! كلما ذكرت حالتك تلك، شعرت بحس

<<  <  ج:
ص:  >  >>