في رحلتي إلى السودان، سمعت حديث (الرسالة) في أول مكان طرقته من السودان، وسمعته في الساعة الأولى بعد الفراغ من مراسيم الجوازات وتسجيلات الوصول
ثم لبثت أسمعه في أندية البلاد كلما دار الكلام على الأدب والأدباء، ولا سيما الأدب العربي وأدبائه المعاصرين
ولم تتغير العادة في فلسطين
فقد سمعت حديث (الرسالة) في كل ناد من أندية الأدب، وحملت إليها رسالة علنية في أحفل جلسة من الجلسات الأدبية شهدتها في مدينة يافا، وهي مركز الحركة الصحفية والكتابية في شواطئ أرض الميعاد
كانت الدعوة باسم اتحاد الأندية في المدينة، وهي تتسع منها لسبعة على ما أعلم، تختلف أغراضها بين الثقافة والرياضة البدنية ومطالب الإصلاح والاجتماع
وكانت الدعوة إلى سهرة في الهواء الطلق بفناء النادي الأرثوذكسي، وهو على ما سمعت أوسع فناء للأندية هناك
واتفقنا على أن تدور السهرة على المساجلة بالأسئلة والأجوبة في الموضوعات التي يعنى بها الأعضاء، وكلهم من الشبان المتعلمين أو الشابات المتعلمات.
ويظهر أن الأديب الموكل بأمانة الاتحاد قد بسط على الأسئلة شيئاً من الرقابة الفكرية التي تخليها من كل شائك أو محرج من موضوعات الجدل والخلاف. فمرت الأسئلة الأولى بين سؤال لي عن أحب كتبي أليّ، أو سؤال عن الفرق بين فلسطين كما رأيتها في زيارتي الأولى، كما أراها في زيارتي الآن، أو أسئلة متعددة من هذا القبيل
ثم انتهت الأسئلة المكتوبة وبدأنا في الأسئلة المرتجلة، فما شككت في أنني سأسمع على الأقل سؤالا عن الحب وسؤالا عن المنافسات الأدبية في الأقطار العربية، لأن الشبان كانوا أصحاب الكثرة الغالبة على الاجتماع
فأما السؤال عن الحب، فقد كان محرجاً بعض الإحراج، لأنه كان يتناول (الحب العذري) ورأيي فيه، وكان في الجمع سيدات وآنسات، وكان فيه شيوخ من رجال الدين، لهم وقارهم