في العدد (٣٩١) من (الرسالة) مقال كتبه الأستاذ محمود الشرقاوي، بمناسبة مقال في العدد الذي قبله للدكتور محمد البهي عن (شخصية الأزهر العلمية)
والأستاذ الشرقاوي يصف مقال الدكتور البهي بأنه مقال جيد، وفيه صدق كثير، وقد أثار في نفسه طائفة من الخواطر يعتقد أن فيها - وهي أيضاً - صدقاً كثيراً وفيها صراحة
ومع أن الأستاذ يبدو معارضاً لفكرة الدكتور، بل مهاجماً له فإن من يتأمل فيما قاله يجده قد وافقه في كل ما قاله، ثم نقل البحث إلى شيء آخر.
ولست فيما أكتب اليوم بالمدافع عن أعضاء البعوث الأزهرية إلى أوربا، فذلك شأن يخصهم، وهم أولى بأن يردوا على أسئلة الأستاذ التي وجهها إليهم؛ ولست كذلك مهاجماً لأحد من الناس أو لطائفة من الطوائف، ولكني أريد أن أقول إن الأستاذ الشرقاوي لم يكن صريحاً على الرغم مما ادعاه لنفسه من الصراحة في أول مقاله؛ فهو يقول للدكتور البهي: لا تحدثنا عن إنتاج جماعة كبار العلماء، ولا عن قيمة هذا الإنتاج في نظر العلم، ولكن حدثنا عن إنتاج هذه البعوث الأزهرية التي أنت واحد من أعضائها، والتي وضع الأزهر فيها آماله، وظل يرقبها في لهف وشوق، معللاً نفسه بعهد جديد يمتاز بالحرية في الرأي، والاستقلال في التفكير: أين هو هذا الإنتاج؟ وأين طابع هذه البعوث الخاص الذي تتميز عن أشياخها؟ وأين التجديد الذي أفاده الأزهر من بعثة الإمام محمد عبده أو بعثة فؤاد الأول؟
هكذا يتساءل الأستاذ، ثم يصرح بأنه لم ير دليلاً يدل على أن هذه البعثات قد جددت، أو سارت على نهج غير النهج الذي سار عليه الأشياخ من قبل (فلا هي قد أقامت في الأزهر مدرسة للتجديد خاصة، ولا نهجت فيه منهجاً دراسياً ولا تأليفياً خاصاً، ولا لمت حولها معسكراً جديداً يرفع معها وبعدها شعلة النور في الأزهر. . . الخ)
ثم يحاول الأستاذ تعليل ذلك، فيجد نفسه (أمام واحد من فرضين: إما أن تكون هذه البعوث لم تفد شيئاً مما درست في جامعات أوربا، ولم ترتفع بتفكيرها عن أشياخها وعن زملاء أعضائها الذين لم يبعثوا ولم يدرسوا. . . وإما أن تكون هذه البعوث العلمية قد أفادت من