للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

[القصص]

الحقيقة

للآنسة سهير القلماوي ليسانسييه فى الآداب

(هل يستوي الذين يعلمون والذين لا يعلمون؟)

(قرآن كريم)

تململت في فراشها وظلت تنظر ذات اليمين وذات الشمال ثم تغمض عينيها وتفتحهما ثانية وتفكر أين هي هيه. . . أين هي؟. . . آه! هي في المستشفى، وقد جاءت إليها منذ أيام؟ منذ أسابيع؟ منذ شهور؟ لا تدري. ولكن لم جاءت؟ يقولون إنها مصابة بمرض عقلي أنهك أعصابها. وحياتها في خطر من جرائه. ها ها! مضحك! أهذا كل ما في الامر؟. . . ولكن أين أختها؟ لقد كانت جالسة هنا منذ حين، ولقد أوصتها أن تكتب كل ما تمليه عليها، ولكن الظاهر انه لم يكن هناك ما يملى فقامت. وضحكت ضحكة عصبية عالية. ها ها! الساذجة! إلا تدري إن رحلاتي في عالم الأرواح اصبح يحوطها جو من غريب، جو يقبض الأنفاس فلا أستطيع التحرك ولا التكلم ولا. . . ولا التفكير. . ترى هل أوفق؟ أعينيني أيتها القوى الخفية، أعينيني، ارحميني، فما في مطالبي إجحاف ولا ظلم ولا طمع. كل ما أريده هو أن اعرف الحقيقة.

دخلت الأخت ودلائل السهر بادية عليها: اصفرار في الوجه، وورم في العينين، وخمول ووهن في الأعصاب.

(أين كنت؟ آه من لي بهذا الاطمئنان، بل هذا البرود الذي يسود حياتك. أنت لا تعرفين عما أريد أن أعرف شيئا، ومع هذا أنت لا تأبهين بشيء. إيمان مطلق وهدوء تام. ثم هؤلاء الأولاد، أولادك ماذا علمتهم عن الحياة، عن الموت، عن الله، عن الحساب، عن الروح. . . لا شيء، لا شيء، لأنك لا تعلمين شيئا، ولا تردين أن تفكري لتصلي إلى شيء)

(كفاك أختاه ما أنت فيه من وهن الأعصاب. أريحي رأسك قليلا. لقد شغلت هذه المسائل رؤوس آلاف الناس قبلك، وستشغل رؤوس آلاف الناس بعدك. ولن يوفق إليها أحد لأن الله أراد ذلك، وإرادة الله ليس لها مرد.) فصاحت فيها

<<  <  ج:
ص:  >  >>