لقد تكرم الأستاذ اللوذعي صاحب الرسالة بكلمة نقد قيمة في قصة خسرو وشيرين تناول فيها قالبها أو رداءها من الشعر المرسل، وكان على عادته في كتابته قاصداً قوياً مهذباً.
ولقد أدهشني وأيم الحق أن رأيت بالرسالة الغراء كلمة في تلك القصة، وذهبت نفسي توغل في هزة من الطرب أنستها ما يجب عليها من وزن القول والقصد فيه.
وذلك لأنني منذ أخرجتها بعثت بها إلى أساطين الكتاب والأدباء وكبار المحررين، وانتظرت أن يقرأها بعضهم فيقول فيها كلمة، إما أن تكون كلمة نقد مر يظهر ما فيها من تفاهة وسخف، وإما أن تكون كلمة نقد هين يتعاقب فيها الاستهجان والاستحسان. وما كنت انتظر أن يقذف بالقصة في زاوية الإهمال لأن صاحبها لم يكتب عليها اسمه، أو لأنه لم يلح في طلب التقريظ، أو لأنه لم يلتمس إعانة أو حماية من أحد. فلما مضت أيام ولم أجد ذكراً لها على لسان ولا في صحيفة، طويت ذكراها في ثنايا الماضي وأنسيت نفسي إياها، وقلت ألتمس التعزية لنفسي، أنها لم تكن جديرة لا بالثناء ولا بالذم، فلعلها في نظر الأدباء أقل من أن يحكموا عليها بالسخف والسقوط. هكذا قلت لنفسي ورضيت القول على شدته، لأنني كنت دائماً أتهم نفسي بأنني كسائر المؤلفين موصوف بالعمى والغباء، فكم رأيت من المؤلفين من أسمعني قوله، فجال في فكري عند سماعه أن أقول له (أسأت)، ولكني ضعفت عن قول ذلك اللفظ فقلت له (أحسنت). فصدق ما قلته وذهب عني قرير العين موقنا أنه مؤلف مجيد موفق، وذلك العمى الخاص بالمؤلفين شبيه بما يصيب الآباء في حكمهم على أبنائهم. قيل ان أعرابياً فقد ابنه مرة، فمر الصبي بقوم فرأوه شبيها بالجعل القبيح، ثم مر الأعرابي بهم فسألهم عن ابنه فقالوا له صفه لنا، فقال لهم:(كأنه دنينير) أي كأنه دينار صغير من حسنه، وتردد بريق الجمال في وجهه ونفاسته. وهو على ذلك لم استبعد أن أكون كأحد هؤلاء المؤلفين البغيضين، وحمدت الله على أن وفقني لفكرة إخفاء اسمي عن الناس حتى لا تنالني معرة (قصة خسرو وشيرين!)
قلت لقد دهشت إذ رأيت في الرسالة كلمة عن تلك القصة، ولا سيما وهي كلمة من قلم