للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

[الفضاء والعدم]

للأستاذ نقولا الحداد

أستأذن الكاتب الكبير الأستاذ العقاد بان اقفي على مقاله (أساطين الآخرين) في ١٣ أكتوبر الحالي من الرسالة بكلمة في موضوع العدم والفضاء.

العدم اسم لغير مسمى. اعني انه لا يوجد في الوجود شئ أو كائن يصح أن يسمى (عدما) هو في غير لغتنا (لا شئ) وفي نفسنا هو لا شئ أيضا. واللاشئ ليس ذاتية حتى يعرف أو يوصف أو (تفسر له ماهية)

أما الفضاء فهو الحيز الذي تشغله أو تشغل بعضه مادة ذات حدود. وأما الخلاء فهو الفراغ بين مادة ومادة. والمادة تحده ولهذا يمكن أن يقاس بمقياس.

يستحيل علينا أن نتصور الفضاء مطلقا خلوا من مادة مهما أمعنا في التصور

لولا وجود المادة لما كان فضاء البتة. هل تستطيع أن تتصور فضاء فارغا لا شئ فيه. تصور وقل لي ماذا تتصور.

المادة كثيفة كانت أو لطيفة قضت بوجود الفضاء (الحيز) انف المادة ينتف الفضاء. هذا هو العدم - اللاشيء،

فهذا الحيز الذي نسميه فضاء لا بد أن يكون مشغولا بمادة حتما. المادة نوعان: كثيفة وهي الأجرام الفلكية التي نحس بوجودها بالحس البصري. ولطيفة هي الأشعة الموجبة الكهرطيسية (الكهربائية المغنطيسية) التي نحس بها بالبصر كالنور أو بالآلات الرصدية المختلفة كأمواج اللاسلكي غير المنظورة أما النور وكل درجة من درجات الكهرطيسية كالأشعة السينية وأشعة ما فوق البنفسجي وتحت الأحمر هي أمواج أو تموج فحقيقة لا شك فيها لان العمليات الامتحانية العديدة لاكتشاف طبيعة النور وحركة اللاسلكي في الفضاء أثبتت بوضوح إن هذه الأشعة الكهرطيسية هي موجات في الفضاء.

فلذلك تساءل العلماء فيما بينهم: ما هو هذا الشيء المتموج؟

لم يستطيعوا جوابا على السؤال إلا بفرض الأثير. وهو في نظرهم مادة متناهية في اللطف تملا هذا الفضاء. وذرات المادة أو ذريراتها السابحة في الفضاء الثائرة الحركة فيه تصدم هذا البحر الأثيري فيتموج وأمواجه تصدم مشاعرنا البصرية والعصبية فنحس بوجود تلك

<<  <  ج:
ص:  >  >>