[وحدة العمر]
للأستاذ حسن كامل الصيرفي
تعال فقد عرفتُ حدود نفسي ... وأدركتُ السعادة ملَْء كأسي
تعالَ إليَّ واملأْ رَحْب حسِّي ... فإني اليومَ لست خيال أمس!
تعال فقد تحطَّمتْ الكؤوسُ ... ومالت من تَفاعُلِها الرؤوسُ
وشاهتْ في ضلالتها النفوسُ ... تعال إليَّ تتبعُك الشموسُ!
تعالَ إليَّ يتبعُكَ الشُّروقُ ... وتلمعُ في خواطرك البروقُ
فقد سَكِرَ الظلامُ فما يفيق ... وطال على مُناجيكَ الطريق!
تعال، تعال أْسمِعِني غناَءكْ ... تعال، تعال صوِّرْ لي سماءكْ
تعال، تعال أْشرِْبني ضياَءك ... فإني اليوم ظمآنٌ إزاَءك!
تعال فحيرتي أخذت تولِّي! ... تعال فرغبتي بدأت تصلِّي
وتنزع عن تساميها التدّلي ... تعال فأنت أسرَارُ التجلِّي!
تعالَ، تعال طهِّرْني بنارك! ... وأهِّلْني لأمزَجَ في سوارك
تعالَ إليَّ طهِّرْني وبارك ... فؤاداً ظلّ يفنى في جوارك!
تعالَ فأنقذِ الإيمان مّما ... يحاول أن يحيلَ الطُّهْرَ إثما
ويمعن في اجتذاب النفس رغما ... فما أقسى الحياةَ، تفيض لؤما!
تعالَ فهذه كأسُ الليالي ... يحوم على حفافيها خيالي
وتلمسها يَدٌ تدري مآلي ... فتقصيني، وأيَّ يدٍ أبالي!
تعال فهذه اليد كم أشارتْ ... وحامت في الظلام وما توارت
وأزهجت النفوس وما استثارت ... يداً أقوى تحطمها. . . فجارتْ
يد الأقدار تزعجني دواماً ... وتشهر في سكينتي السهاما
وتملأ رحب إحساسي زحاماً ... تعال فحوِّل الدنيا سلاماً!
سألزم كُوّتي وأظلُّ أرنو ... إلى الأُفق البعيدِ وأنت تدنو
ونور الفجر يغمرني ويحنو ... عليَّ صباحُهُ، وسَناكَ يدنو
ستختلف الحياةُ أمام عيني ... تمرُّ طيوفها وتغيب عني