هي المتاعب التي يعانيها من يواجه الحقائق بأساليب صريحة بريئة من الرياء. . . ومن أعجب العجب أن الناس يطالبون الكاتب بأن يحدثهم عن كل شيء، مع أنهم لا يسمحون له بشيء من الصدق إذا تحدث عن أشياء تمسهم من قريب أو من بعيد. وهذه الظاهرة من أسباب ضعف الروح البيانية، ومن أسباب قصور الأدب عن وصف المجتمع الحديث.
إن الأمم المحاربة لم تشغلها الحرب عن التفكير في شؤون التعليم والتثقيف، لأن تلك الأمم عهدت إلى كل طائفة من الطوائف جانباً من جوانب الحياة القومية، فبقي الجندي جنديَّا، والتاجر تاجراً. إلى آخر ما هنالك من الطوائف، وصار لزاماً أن يبقى المعلم معلماً في حدود ما يملك من القُوى النفسية والروحية والعقلية.
ونحن لم نشترك في الحزب من جانبها الدموي - وإن كان أذاها وصل إلى كثير من مرافقنا الحيوية - وهذا الحياد قد استبقى قواها وادّخرها لإنجاز شؤون التعليم في مراحله المختلفات، فمن الواجب أن نبذل جميع الجهود الممكنة في خلق التعليم خلقاً جديداً، بحيث نواجه تقلبات ما بعد الحرب، ونحن على بينة من مطالب العصر الجديد.
قال معالي الهلالي باشا في خطبته بحضرة جلالة الملك يوم افتتاح جامعة فاروق الأول: إن هذه الجامعة هي الجامعة الوحيدة التي أنشئت في العالم كله أيام الحرب
وهذا صحيح، ولكن ما السبب في تفرد مصر بهذه المزية؟
يرجع السبب إلى أن إعفاءنا من الحرب الدموية لم يدعُنا إلى إعفاء أنفسنا من حرب الجهل والجمود، فنحن نقاتل في ميدان هو أصعب ميادين القتال، ونحن نواجه مصاعب تزلزل القلوب والعقول، وهذه محمدة قليلة الأمثال
أكتب هذا وقد تعتَّب ناسٌ وتغضّبوا لأنهم رأوا في المقال الأسبق عبارات في نقد الطرائق المتبعة في تعليم الإنشاء. . . فهل كان يجب أن أقول إن كل شيء على ما يرام، وليس في