يقع في قمة جبال السييرا على ارتفاع ستة آلاف قدم. سمي كذلك لوجوده بمقاطعة بهذا الاسم. (وماري بوزا) كلمة إسبانية معناها (أبو دقيق) وكان أول من لمح رؤوسأشجاره عن بعد رجلا يسمى (أوج) في سنة ١٨٥٥ ولكن رجلا آخر يسمى (جالن كلارك) اكتشفه عام ١٨٥٧ وإليه يرجع الفضل في ذلك. يصل إليه الزائر من طريق ضيقة لا تتسع لأكثر من عربة، شديدة الانحدار والتعاريج تمر وسط غابات كثيفة مكتظة بأنواع الصنوبر التي تعطر الجو دواما. وغالباً ما تكون حافة الطريق هي حافة هوة بعيدة القرار يغطى منحدرها آلاف الأشجار. وكثيراً ما يصادف الإنسان قطيعا من الغزلان يعترض الطريق ترنو إليه بأعين سوداء كبيرة هادئة ثم لا تلبث ان ترتاع وتقفز في رشاقة نادرة وتختفي في ظلمات الغاب. ومن وقت إلى آخر تخترق الأذن نغمة لطير جميل الريش يتفيأ ظلال الأغصان. أو يقفز أمامك سنجاب صغير يقف على خلفيتيه ويرفع ذيله الطويل على ظهره حتى يكاد يلامس مؤخر رأسه، ينظر اليك لحظة ثم ينقلب راجعا في سرعة البرق. وأحيانا يصادفك دب أسود الفرو لامعة ينظر اليك متكاسلا ثم يدير رأسه إلى الناحية الاخرى متباعدا عنك غير عابئ بك.
وأخيراً تنتهي الطريق إلى الحرج الذي لا تتجاوز مساحته ميلين مربعين. وهناك يشعر الزائر انه دخل في معبد فسيح معطر الأرجاء ذي عمد هائلة، لا تستطيع الشمس أن ترسل الكثير من أشعتها إلى أرضه لكثافة رؤوس الأشجار، فالظل لذلك وارف ظليل والهواء بارد عليل، واما الصمت فرهيب شامل وما هي الا برهة حتى تملك الإنسان خشية ورهبة فيصمت هو الآخر ويتأمل! أشجار باسقة تحلق رؤوس بعضها في الجو إلى ارتفاع مائة وعشرة من الأمتار. ويبلغ قطر البعض الاخر عشرة أمتار!! يرفع الإنسان رأسه ليدرك سمو هذه المخلوقات النبيلة ولكنه لا يلبث أن يطأطئه في خشوع وذهوليميد بالحيرة ويضج بالأسئلة. ترى كم من السنين قامت هذه العمد النباتية في مكانها لا تبرحه، تحمل الثلوج