هل ينتظر اللغة العربية والأدب العربي الحديث في مصر مستقبل سعيد؟ لقد بدرت البوادر بشروع بعض الأجانب في الإقبال على تعلم اللغة العربية والاهتمام بمعرفة كتاب مصر البارزين. من رأيي أن الحياة لن تدب في هذه اللغة وهذا الأدب إلا إذا ظفر بقراء كثيرين من هذا العنصر النشط المثقف. وإني لأتخيل اليوم الذي يتم فيه ضم أجانب مصر أو أغلبهم إلى حظيرة قرائنا في لغتنا. هؤلاء الأجانب الذين يعدون القراءة غذاء ذهنياً له ضرورته في حياتهم اليومية، شأنهم في ذلك شأن الحاجات الأولية؛ هؤلاء الآلاف القليلة من الأجانب الذين استطاعوا أن يكفوا لرواج حوانيت الكتب الأجنبية التي لا يخلو منها شارع كبير في أي مدينة كبيرة من مدن هذه الدولة العربية اللغة؛ هؤلاء النفر الذين استطاعوا أن ينشئوا لأنفسهم صحفاً ومجلات بلغاتهم المختلفة وأن يضمنوا لها حياة وازدهاراً. ترى ما الذي يحدث لو أن هؤلاء فهموا أخيراً أن استقلال مصر وسيادتها معناه سيادة لغتها وآدابها وفنونها على الأقل فوق أرضها وفي حدود بلادها وأن الخير والكياسة والمصلحة تقضي عليهم أن يكفوا عن تجاهل لغة الدولة وأن يعيشوا بيننا كما يعيش كل أجنبي في دولة محترمة، يعني بتعليم لغتها والاطلاع على أدبها ومسايرة الحياة الذهنية والاجتماعية فيها؟ لا ريب عندي، لو وقع ذلك الحدث، في أن أدبنا سيتغير ويتطور في مثل لمح البصر تطورات تثير الدهشة والعجب. ليس فقط لأن نتاج فكرنا سيرتفع شأنه في السوق، بل لأنه سيرتفع في ذاته من حيث الصنف والقيمة. فإن القارئ الجيد يخلق الكاتب الجيد، و (الزبون) المحترم يوجد الحانوت (المحترم).
لكن. . . كيف نحمل الأجانب على ارتياد (حانوتنا) الفكري وأكثره قد
استقرت في نفسه بغير علة فكرة الاستخفاف بلغتنا؟ ما هي الوسائل
التي ينبغي أن نتخذها لنزع هذه الفكرة عنه وترغيبهم في بضاعتنا؟