للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

[القصص]

الهارب من الجيش

للكاتب الفرنسي ألفونس دوديه

ترجمة الأستاذ حلمي مراد

يعد ألفونس دوديه (١٨٤٠ - ١٨٩٧) أبرع أدباء فرنسا في كتابة القصة القصيرة التي تدور وقائعها في جو الحرب المظلم الرهيب، وقد يرجع ذلك إلى معاصرته للحروب الطويلة التي نشبت بين فرنسا وألمانيا. . . وهو في تعبيره عن أرق وأعمق المشاعر وعطفه على الفقراء والمظلومين يشبه الأديب الإنجليزي المعروف تشارلس ديكنز وينحو منحاه. ومن مؤلفات دوديه الخالدة: (سافو) ثم (فرومون وريزلر) و (تارتاران) و (جاك).

. . . وقصة (الهارب) هي إحدى قصصه القصيرة التي نشرت في مجلد عنوانه (وسط غمار باريس). . .

رفع الرجل كأس البيرة إلى شفتيه وهو جالس أمام حانوته يرقب العمال، وقد تسربوا إلى الطريق ميممين شطر بيوتهم. . . حيث تنتظر كلاُ منهم زوجته وأولاده.

تلك هي الصورة التي اعتاد الناس أن يروها كلما مروا بحانوت مسيو جورج لوري الحداد. . . في مساء كل يوم.

. . . إلى أن جاءت ليلة خالف فيها مألوف عادته، إذ ظل إلى جوار النار المشتعلة في أتون حانوته، إلى ساعة متأخرة بعد غروب الشمس. . . ظل ساهماً شارد الفكر، يبدو عليه الهم وتعلو وجهه مسحة من الكآبة، غير عابئ بزوجته التي اشتد بها القلق لتأخره فانساقت إلى مخيلتها مخاوف وأوهام صورت لها صنوفاً من البلايا والأرزاء، فهي آناً ترى ابنها الذي اختطفته الحرب يروح ضحية مقذوف طائش، وآونة تخاله صريع المرض أو الجوع، تمتص الحمى دماءه في نهم وشره.

وأخيراً، حين عاد الزوج. . . عقد الخوف لسانها، فلم تجرؤ على تقصي جلية الأمر منه خشية أن يجيء جوابه معززاً لمخاوفها ومبعثاً للحزن والألم. . . فسكتت على مضض والقلق يعتصر قلبها فتعلو خفقاته ويشتد به الأنين.

<<  <  ج:
ص:  >  >>