[قطرة في بحر. . .]
للدكتور عزيز عبد السلام فهمي
تعاليتَ يا بحر هذا جلا ... لك سرُّ الزمان ولغز الحقبْ
تصاحب هذا الزمان وتس ... خر منه وتطويه طيَّ الكتب
تنادم حالكَ منه القرونُ ... ويمضي الندامى مُضِىَّ الحبب
فيا لك قبراً وسعت الزمان ... ولاذ الزمان بذيل الهرب
ويا بحر كم فيك من آية ... تساءلتُ عنها ولم تَسْتَجِب
تهمُّ بأمر وترتد عنه ... وتطمع فيه ولا تقترب
ففيم اندفاعك كالمطمئن ... وفيم ارتدادك كالمضطرب
ويا بحر ماذا يراقص مو ... جك منك وماذا وراء الحجب
تلين وتسكن عند الليان ... وطبع الحليم بطئ الغضب
وتشرَس حتى تئِنُّ الصخور ... ويطفو من الرمل ما قد رسب
وتجمع بين النقيضين جمعَ ... ك بين اللآلىْ والْمُخَشْلَب
يشاطرك الآدميُّ الغموضَ ... وترتبطان بحبل النسب
ولن يسبر الغورَ منك الرجالُ ... ولن يكشف النفسَ علم وطِب
تعاليت يا بحر هذا جما ... لك ثغر الطبيعة وهي الغبب
تعربد نشوان حتى المجون ... وتمجن سكران حتى الصخب
تغازلك الشمس عند الغروب ... فأنت اللجين وفيك الذهب
وتشرق منك على صفحة ... ترقرق بين سناها اللهب
وتضفي عليك أكاليلها ... دماءً، وتنشق منك القُضُب
ويجمعك الأفق بالنيرات ... فأنت السماء وفيك الشهب
يسامرك البدر من شرفة ... تَبَرَّج فبها ذوات الذنَب
فتعكسهن على ضوئه ... ويلحظك البدر كالمرتقب
دعاني حنين خَفيُّ إليك ... فلبَّيتُ يا بحر لما غلب
ويا بحر جئتك أفضي بنفسي ... وأشكو الزمان وماذا جلب