حدثنا الأستاذ عبد الحفيظ أبو السعود في العدد ٧٤٦ من الرسالة عن ذكرياته الشائقة في بلاد النوبة فقال:(وللشلال شهرة بالملاحة، فأكثر الملاحين الذين يشتغلون في البواخر النيلية بوجه عام، تجارية وحكومية، وشراعية، من هذه البلاد الصغيرة المسماة بالشلال!!).
وتروي لنا مخلفات القدماء هاهنا، أن رجالات الشلال قد أدوا لوادي النيل من الخدمات في غابر الأيام ما يتوج المصريين بتاج الفخار وهي باقية ما بقي العلم وما بقي الاعتراف بالصنيع، وأن لهؤلاء الرجال في أعناقنا جميلاً فلنؤده إحياء لذكراهم وإن قل هذا الأداء.
ولقد لعب النيل دوراً هائلاً في حياة المصريين منذ نشأة الحياة الأولى على ضفافه ومنذ بدأ القوم يتعلمون الزرع والضرع على يد (أوزيريس) الطيب القلب، الكريم المحتد، فلا عجب إذاً أن ملاحي الشلال الأول الذين وقفوا حياتهم على خدمة النهر والعناية بأمره وحماية منابعه، أن يكتبوا بأحرف من نور، سجلاً تاريخياً حافلاً بجلائل الأعمال.
وقصة (أوزوريس وست)، هي القصة التي ملأت وجدان المصريين القدماء طوال أيام تاريخهم القديم، واحتلت مكان الصدارة من حياتهم الدنيوية، وأثرت في نفوسهم بالخير والبركة، ولعلها السبب الثاني بعد الطبيعة السهلة التي خلقت في المصريين النفس السمحة ولين العريكة وطيب القلب، مما أوحى إلى (هيرودوت) أن يصدر حكمه المشهور (المصريون قوم يخشون الله).
وطال ترديد القصة بين أفواه الناس وأسماع الزمن، حتى تجاوبت أصداؤها فيما وراء البحر وجاء بلوتارخ سنة ١٢٠ من ميلاد المسيح، يستنبئ الناس الخبر، ويستقرئ الآثار، فسمعها من الكهنة ثم كتبها للناس. ودلت الآثار على أن الرجل لم يكن متجنياً كغيره من