كان المغفور له الأمير شكيب ارسلان صديقا حميما لصاحب المقام الرفيع عبد العزيز عزت باشا. وقد أقاما بسويسرة سنين متقاربين متقابلين وكان يتحف صديقه من وقت إلى أخر بفكاهة أو نكتة مليحة تسلية له وللأصدقاء.
وحصل أن مرض الأمير شكيب وقام بعلاجه طبيبة الدكتور بيكل أحد مشاهير الأطباء في جنيف، وصارت بينهما وبين هذا الطبيب مودة، فنظم الأمير بعد شفائه قصيدة ثناء على الدكتور لاهتمامه به ونجاجه، وقد ضمنها أشياء أخرى من باب تسليه دفعها اصدقه رفعة الباشا ليترجم للدكتور مضمونها. وقد فعل.
ولقد ضمني ورفعة الباشا مجلس قص علينا فهي ما كان للأمير شكيب من حسن المحاضرة وجميل العاشرة؛ ومن بين ما عرضه علينا من آثار تلك القصيدة التي حوت مع أفاكه على حد قوله تحميداً وتوحيداً، فرأيت تسلية إقواء الرسالة بها إذا راقت لصاحبها الأستاذ الجليل والسلام.
أحمد نجيب برادة
قصيدة الأمير شكيب ارسلان
سيدي لا عدمته
أريد أن أسليك وأن افكهك من وقت إلى أخر. فإن اللذات لعقلية اهادور لا ينكر. فهذا آبيات نظمتها لتطربك، فيها نكات وملح، وفيها مواعظ وحكم، وفيها تحميد وتوحيد، والله المستعان.
أقول لبيكل مذ قد غدا ... يساوره دائي المعضل
قضى بك ربي شفاء لسقمي ... وربي لما شاءة يفعل
تفردت في حكماء الزمان ... فأنت بحق لهم أول
وأحسنت ترقيع شيخوختي ... فلله درك يابيكل
وكنت قليل الرجا في الحياة ... فعادت حياتي كما أومل