للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>

[الوحدة العربية ووحدة اللغة]

للأستاذ يوسف كمال حتاتة

استمر حكم العرب في الأندلس ثمانية قرون من عام الفتح (سنة ٩١هـ) إلى العام الذي سقطت فيه غرناطة سنة ٨٩٧ هـ)

وكانت في الأندلس سبعمائة مكتبة عامة يرتادها الناس لدراسة أنواع العلوم وبينها مكتبة قرطبة التي كانت تحوي نصف مليون كتاب.

فلما دالت الأيام وأُخرج العرب من ديارهم أحرق أعداؤهم الكتب التي ألفوها وبقيت البلاد ترسف في قيود الجهل وأصبحت كلمة كتاب إحدى الجرائم التي ينبغي الحذر منها، وظلت مدريد - عاصمة الحكم الذي خلف حكم العرب - لا تضم مكتبة عامة واحدة إلى القرن الثامن عشر الميلادي

في هذه الفترة كان المتحدث عن نظريات نيوتن وأبن رشد يساق إلى محكمة التفتيش فتحكم عليه بالموت بعد التعذيب، والتعذيب هو قطع الأرجل والأذرع في شريعة القساوسة؛ أما الموت فهو إلقاء المحكوم عليهم في التنانير المسجورة

في زمن عبد الرحمن الناصر لدين الله كان المبشرون يقفون أمام جامع قرطبة الكبير ويخطبون داعين الناس إلى اعتناق الدين المسيحي في أثناء اجتماع المسلمين لصلاة الجمعة، وكان الخليفة يسمعهم فلا يقول لهم كلمة ولا يأمر رجال شرطته باعتراضهم أو الوقوف في طريقهم

هذا في الأندلس؛ أما في بغداد فقد وضع الرشيد جميع المدارس في مملكته تحت رقابة يوحنا بن ماسويه الشهير، وكان الإشراف على أمور التعليم في الدولة العباسية يفوض تارة إلى النسطوريين وطوراً إلى اليهود

وكان جيورجيس الجنديسابوري طبيباً للمنصور، وقد علت منزلته عنده، وسبب ذلك أنه كانت له زوجة عجوز لا تشتهى فأشفق عليه المنصور وأرسل إليه ثلاث جوار حسان فردهن وقال: (إن ديني لا يسمح لي أن أتزوج غير زوجتي ما دامت حية) فأعلى المنصور مكانته وقدمه حتى على وزرائه. ولما مرض أمر المنصور بنقله إلى دار العامة وخرج إليه ماشياً يسأل عن صحته فأستأذنه الطبيب في الرجوع إلى بلده ليدفن مع آبائه

<<  <  ج:
ص:  >  >>