للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>

[في التاريخ السياسي]

حوادث الشرق الأقصى

والحرب بين الصين واليابان

بقلم باحث دبلوماسي كبير

تضطرم الحرب في الشرق الأقصى بين الصين واليابان منذ ثلاثة أشهر؛ وهي حرب غير رسمية، بدأت لأسباب تافهة، واتسع نطاقها بسرعة، وأضحت خطراً حقيقياً على السلام. ومن المحقق أنها لم تكن لتنشب لو لم ترد اليابان نشوبها. وأن اليابان تشهرها على الصين وفقاً لخطة مقررة، وتحقيقاً لغايات بعيدة المدى؛ وهي ليست في الواقع إلا خطوة جديدة في سبيل تنفيذ السياسة التي رسمتها اليابان لبسط نفوذها على الصين واستعمار مناطقها الغنية تباعاً؛ وقد بدأت هذه السياسة منذ سنة ١) ٣١ حينما غزت اليابان ولاية منشوريا بحجة المحافظة على مصالحها وأرواح رعاياها من فوضى الإدارة الصينية، وانتهت بفتح هذه الولاية واقتطاعها من الصين، وإقامة حكومة صورية فيها تخضع لرأيها وتأتمر بأوامرها؛ وكان فتح اليابان لمنشوريا اعتداء صريحاً على الأراضي الصينية تؤيده القوة الغاشمة وحدها؛ ولكن اليابان لم تحفل بما أثاره الاعتداء يومئذ لدى الدول العظمى من ضروب الاحتجاج والتوجس، ولم تحفل بنوع خاص بتدخل عصبة الأمم ولا بما اتخذته ضدها من قرارات تقرر مسئوليتها وعدوانها، بل قابلت هذا التدخل بالانسحاب من العصبة، ومضت في تنفيذ خطتها بجرأة لا مثيل لها. ولم تكتف بفتح ولاية منشوريا والاستيلاء عليها، بل حاولت أن ترغم الصين على الاعتراف بهذا الفتح، فبعثت جيوشها إلى الأقاليم المجاورة لتقضي على كل مقاومة صينية، وغزت ثغر شنغهاي لكي تهدد حكومة نانكين الوطنية وتحملها على الخضوع لمطالبها؛ ولكن الحكومة الوطنية قابلت القوة بمثلها، واستطاعت أن ترد القوات اليابانية عن ثغر شنغهاي بعد معارك طاحنة، ووقفت الأمور يومئذ عند هذا الحد وقنعت اليابان مؤقتاً بغنيمتها الأولى

ومن ذلك الحين واليابان تفصح بين آونة وأخرى عن خططها ونياتها نحو الصين بأعمال وأقوال لا تترك مجالاً للشك في مقاصدها الحقيقية؛ فهي لم تكد تستقر في منشوريا حتى

<<  <  ج:
ص:  >  >>