أقامت لوكريسيا في رومة مدى حين، أداة لمشاريع أبيها البابا وأخيها شيزاري، ومستودعا لدسائس البلاط الروماني؛ وكانت تشعر أنها في هذا المعترك تعيش في نوع من الأسر؛ وقد قالت فيما بعد:(إن رومة كانت سجني). وكان زواجها من جان سفورزا كما رأينا، لبواعث سياسية ترجع إلى رغبة اسكندر السادس في تقوية التحالف بينه وبين لودفيكو سفورزا طاغية ميلانو وعم جان. ولكن لودفيكو لم يلبث أن ارتد عن هذا التحالف إلى محالفة شارل الثامن ملك فرنسا وتحريضه على غزو إيطاليا، والاستيلاء على مملكة نابل اعتمادا على زعم قديم بوراثة عرشها. عندئذ رأى البابا أنه لم يبق حكمة لبقاء هذا الزواج، فاعتزم إلغاءه حتى يستطيع بعد أن تسترد لوكريسيا حريتها أن يتخذها أداة لعقد صفقة أخرى.
ولكن جان سفورزا لم يقبل الانفصال عن زوجته الحسناء طوعا، فهدده شيرازي بالقتل وفر إلى بيزارو؛ ولجأت لوكريسيا حزينة باكية إلى دير القديس سكستوس لأنا كانت تحب زوجها؛ وعمد البابا لإبطال الزواج إلى إجراء مدهش، فانتدب لجنة مؤلفة من كردينالين لتهيئة أسبابه، ورأى الحبران أن يسندا الفسخ إلى أن لوكريسيا ما تزال بكرا عذراء، وأن زوجها جان سفورزا كان عنينا ولم يكن رجلا كاملا؛ وأرغم البابا ابنته على أن توقع إقرارا بأنها ما تزال بكرا عذراء كيوم مولدها. وعلى ذلك أعلن فسخ الزواج؛ ودهشت رومة، ودهشت إيطاليا كلها لهذا الزعم، لأن جان سفورزا كان فتى متين البنية، وكان أرمل توفيت عنه زوجته الأولى بعد أن رزق منها طفلة. وحاول جان أن يثور على هذا القرار وأن يقاوم، ولكنه أذعن لنصح عمه لودفيكو وعمه الآخر الكردينال اسكاينو وكيل الكرسي الرسولي، وارتضى مصيره صاغرا؛ وكان ذلك في ديسمبر سنة ١٤٩٧؛ وكانت لوكريسيا عندئذ في عامها السابع عشر. وهنا يصيح مؤرخ معاصر هو (جيشا ردينو): (لم يحتمل البابا أن ينافسه في ابنته أحد حتى زوجها!). وثار حول لوكريسيا سيل من أروع الإشاعات والأقاويل.
وحدث في ذلك الحين أيضاً حادث اهتزت له رومة، هو مقتل جان دوق جانديا ابن البابا؛