للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>

[الإجماع وثبوت العقيدة]

للأستاذ محمود شلتوت

آراء العلماء في الإجماع: حقيقته وحجيته وما يكون فيه - شيوع حكاية الإجماع في المسائل الخلافية وسببه - الإجماع عند المحققين - تطبيق

نظرنا - على ضوء المبادئ العامة لثبوت العقيدة - نظرتين في الآيات والأحاديث التي زعموا أنها تدل دلالة قاطعة على حياة عيسى الآن ونزوله آخر الزمان، وبينا مدى ما تفيده الآيات والأحاديث في ذلك، وبقي أن ننظر النظرة الثالثة فيما زعموا من إجماع في هذا المقام

ويحسن بنا - جريا على ما اتبعناه في هذه البحوث - أن نقدم للقراء العلميين مقدمة إجمالية تصور لهم موقف العلماء من الإجماع: حقيقته، وحجيته، وما يكون فيه من أحكام، ثم نتبع ذلك بما نريد من إبطال زعمهم الذي يزعمون

إني لا أكاد أعرف شيئاً اشتهر بين الناس أنه أصل من أصول التشريع في الإسلام، ثم تناولته الآراء واختلفت فيه المذاهب من جميع جهاته كهذا الأصل الذي يسمونه (الإجماع)

فقد اختلفوا في حقيقته: فمنهم من رأى أنه (اتفاق جميع المجتهدين من أمة محمد صلى الله عليه وسلم في عصر من العصور على حكم شرعي)، ومنهم من رأى أنه (اتفاق أكثر المجتهدين فحسب) ومنهم من ذهب إلى أنه اتفاق طائفة معينة) فلا يعد اتفاق غيرها إجماعا. ثم اختلف هؤلاء في هذه الطائفة مَنْ هي؟ فقيل (الصحابة) وقيل (أهل المدينة) وقيل (أهل البيت) وقيل (الشيخان: أبو بكر وعمر) وقيل (الأئمة الأربعة) الخ

واختلف الذين قالوا بالجميع: هل الإجماع بهذا المعنى ممكن متصور الوقوع، أو هو غير ممكن لأن الاجتهاد ليس له مقياس بارز متفق عليه بين العلماء، ولأن المجتهدين غير محصورين في بلد واحد أو إقليم واحد؟

واختلف الذين قالوا بإمكانه وتصور وقوعه: هل يمكن معرفته والاطلاع عليه أو لا؟ وممن روى عنه المنع الإمام أحمد رضي الله عنه إذ يقول في إحدى روايتين عنه: من ادعى وجود الإجماع فهو كاذب

واختلف الذين قالوا بإمكان معرفته والاطلاع عليه: هل هو حجة شرعية فيجب العمل به

<<  <  ج:
ص:  >  >>