لم يتح للموسيقى المصرية لسوء الحظ - ولسبب لا أدريه - أن تشترك في الاحتفاء بمقدم سمو ولي عهد إيران، كما فاتها حظ الاشتراك مع باقي الفنون العليا في التعبير عما خالج مصر من عواطف الفرح وخوالج البهجة والمرح. . اللهم إلا تلك الحفلات الهزيلة الشاحبة التي لم تقو على إعطاء سمو ولي العهد الإمبراطوري الصورة الحقة للنهضة الموسيقية المصرية الشابة التي طفرت إلى ذروة رفيعة مرموقة موموقة. . .!
وقد سمعت بعض الشائعات التي تقول بأنها أبعدت لأنها غير مفهومة من سموه؛ فعجبت لهؤلاء الذين طيروا هذه الشائعات لأنهم لا يعلمون أن موسيقانا بل وجميع الموسيقى الشرقية إطلاقاً من أصل فارسي، فكيف تنكر الأذن موسيقى نشأت على سماعها منذ الصغر؟ وكيف لا يستسيغها سموه وهي التي خلفت في وطنه؟ إن العبرة ليست بالكلام العربي أو الإيراني وإنما بالموسيقى التي تصور وتترجم في حدود الذوق الشرقي!
إن (السلّم) العربي لم يخلق في مكة أو المدينة ولا في تركيا أو مصر، وإنما خلق كما هو الآن في إيران ثم انتقل إلى بلاد العرب حين غزوها للفرس مع باقي الفنون والعلوم الإيرانية. وظل هكذا حتى انتقل إلى بلاد الترك الذين عرفوا كيف يستخدمونه جيداً فركبوا منه نغماتهم وموسيقاهم التي أضفت على الموسيقى الشرقية لوناً زاهياً واستحدثوا نغمات: النوا أثر، وشط عربان، والحجاز كاركرد، والفرح فزا، والكرد. . . إلخ