للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>

[في التحليل النفسي:]

تخاف من العرائس

للدكتور أحمد فؤاد الأهواني

قالت إنها تخاف من العرائس، فتبادر إلى ذهني أنها تخاف من الفتيات في سن الزواج وقد أعلنت خطوبتهن وأصبحت الواحدة منهن (عروسة) كما هو الاصطلاح في تعبير العامة. وأيد هذا الظن أن السائلة فتاة حول العشرين من عمرها. فقلت لها ولماذا تخافين من العرائس، هل ترهبين الزواج ولا تريدينه؟ قالت لا، ليس الأمر كذلك، إني أعني تلك العرائس التي يصنعها الناس للزينة أو التسلية، ويتخذها الأطفال أداة للهو واللعب والعبث، ثم نطقت بالفرنسية (بوبيه).

ورأيت أن الأمر ليس سهلا كما تصورت في أول الأمر، فطلبت منها زيادة الإفصاح والبيان.

هذا وأنا آخذ حالة الفتاة مأخذ الجد، فهذا أول شرط في التحليل النفساني.

قالت: إني أخجل من نفسي خجلاً شديداً، ولا أحب أن أفضي لأحد بأمري حتى لايهزأ بي، فأنا أعلم أن العرائس لاضرر منها، وهي لاتؤذي، ولاتملك نفعاً ولاضراً؛ ثم إني قد بلغت من السن مالا ينبغي أن ينزل بقلبي الخوف من مثل هذه الأشياء التي لا تليق إلا بالصغار من الأطفال. وبلغت من الثقافة ما أعلم معه علم اليقين أننا نحن الذين نصنع هذه العرائس بأيدينا، فكيف نخاف منها.

وكانت حقاً على درجة من الثقافة، فقد تلقت العلم في مدارس فرنسية، وهي تشتغل الآن مدرسة في مدرسة ابتدائية.

واستطردت قائلة: فأنت ترى أن هذه الحالة تسبب لي متاعب كثيرة، وترهقني من أمري عسراً.

فأنا لا أطيق أن ألمس (عروسة) واضطرب اضطراباً شديداً إذا دخلت حجرة فوجدت فيها شيئاً من ذلك فأخرج منها. ولهذا السبب رفع أهلي من البيت كل عروسة، وكل تمثال للزينة، لأنني أخاف كذلك من التماثيل. وإذا علمت أن صديقة من صديقاتي تحتفظ في بيتها بعرائس أو تماثيل، أبيت أن أزورها، دون أن أبدي السبب الحقيقي لأنه مضحك حقاً.

<<  <  ج:
ص:  >  >>