في فاتحة يناير ١٩٤٤ تأسس بمراكش حزب سياسي كبير تحت اسم (حزب الاستقلال) انتظمت في سلكه جميع الأحزاب والهيئات السياسية الموجودة من قبل. وفي يوم ١١ يناير ١٩٤٤ حرر مذكرة قدمها إلى جلالة ملك مراكش والى ممثلي إنجلترا والولايات المتحدة وفرنسا وروسيا يعلن ضرورة الاعتراف باستقلال مراكش استقلالا تاما وإجراء انتخابات لتأليف مجلس تأسيسي ينظم البلاد تنظيما دستوريا وتوقيع الحكومة المراكشية على وثيقة الأمم المتحدة ليصبح لها الحق في مشاركة العالم الحر في مؤتمراته ومسئولياته في تنظيمات ما بعد الحرب.
وقد وجدت الأمة المراكشية في مذكرة حزب الاستقلال تعبيراً صريحاً وصادقاً عن رغبتها فاندفعت تؤيدها بكل حماسة بوادي وحواضر، ورأى الفرنسيون والحلفاء بأعينهم إجماع أمة بأكملها طيلة ثلاثة أسابيع إلى أن انقلبت ميادين التأييد وتقرير المصير إلى ميادين قتال ودماء ووحشية مظلمة تسجل العار الأبدي على الفرنسيين.
وأقيل من منصبه ونفي إلى الصحراء صاحب المعالي وزير العدلية الإسلامية سيدي محمد بن العربي، وصاحب المعالي وزير المعارف العلامة الحاج أحمد بركاش، وسعادة محافظ العاصمة، كما اعتقل الكاتب العام لحزب الاستقلال أحمد بلافريج وقدم للمحاكمة العسكرية هو وثلة من الزعماء السياسيين، بحجة الاتصال بالألمان، وقد حكمت المحاكم العسكرية ببراءتهم جميعاً، فأخرج بلافريج من السجن العسكري إلى جزيرة كورسيكا حيث هو الآن منفي مع زوجه.
وقد أكد حزب الاستقلال في تلك الظروف السود أن موقفه لم يتغير وأن مذكرة ١١ يناير هي الأساس الوحيد لكل تفاهم مع الفرنسيين. أما الفرنسيين فقد نظموا هجوما سياسياً مضاداً هو إعلان دار الحماية عزمها على إدخال بعض الإصلاحات بعد أن تؤسس لجاناً رسمية تدرس لها ما تحتاجه مراكش من الإصلاحات. وقد كتب حزب الاستقلال مذكرة مطولة قدمها للفرنسيين وأظهر فيها ما يحتوي عليه برنامج دار الحماية من مراوغة