للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

[صديقي الكاظمي]

للأستاذ الشيخ عبد القادر المغربي

رئيس المجمع العلمي بدمشق

قرأت في الرسالة (عدد٩٦) نعي شاعر العرب الأكبر الشيخ عبد المحسن الكاظمي رحمه الله. فألمت لفقده، وتذكرت سابق عهده، وقديم وده

وقد ذكر ناعيه من خبره: (إنه لاذ بكنف الإمام محمد عبده الذي ظاهر نعمه عليه. وإنه نكد عيشه بعد الإمام، فرضى بالكفاف من الرزق) فرأيت خدمة للتاريخ، وتوفية لحق الصديق، وتنويراً لسيرة حياته - أن أضيف إلى الجملة المذكورة ماله من اتصال بها، أو هو كالشرح يعلق عليها

عرفت الشيخ عبد المحسن في إدارة (المؤيد) لأول عهدي بالتحرير فيه. وهناك توثقت بيني وبينه عرى المودة، وأخذت أعرف من دخيلة أمره ما لا يعرفه سواي. وكان ذلك بعد وفاة أستاذنا الأمام بسنة ونيف

ومما أخبرني به أن الإمام رحمه الله كان يتعهده في آخر كل شهر بعشرة جنيهات: يودعها غلافاً ثم تسلم إليه في داره من دون أن يشعر بما في الغلاف أحد. وبعد وفاة الإمام لم يجد مندوحةً عن السعي لدى الخديو في أن يكون له مرتب شهري من الأوقاف. فتوسط في هذا الأمر الشيخ علي يوسف صاحب المؤيد. فكان الشيخ يراجع الخديو في تقرير الراتب، والخديو يأبى - كلما روجع بشأنه - إلا الرضخ له من مال الأوقاف بنحو خمسين جنيهاً؛ وكنت أذهب مع الشيخ عبد المحسن إلى الديوان فيقبضها. وقد تكررت هذه المعاملة المرة بعد المرة. والشيخ عبد المحسن في كل مرة يظهر التأفف من تناوله المعونة على هذه الصورة التي ما كان يراها تتفق مع كرامته وإباء نفسه. وكان يلح على الشيخ علي: تارةً بنفسه، وطوراً بواسطتي - أن يكلم الخديو في تعيين راتب شهري مقطوع: (عشرة جنيهات فقط) يربحه بها من عناء التوسط ومكابدة المعاملات الديوانية وان انتساب الشيخ الكاظمي إلى الإمام المفتي إن كان من شأنه أن يحدث فتوراً نحوه في نفس الخديو، فما كان قط ليحدث مثل هذا الفتور في نفس الشيخ على يوسف. فكنا ننزه الشيخ علياً عن وصمة الفتور، لكننا كنا واقفين وقفة الإيجاس من حالة الخديو عباس

<<  <  ج:
ص:  >  >>