للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>

[الشيوعية في الإسلام]

بين رأي لجنة الفتوى ورأي السيد جمال الدين الأفغاني

كتب أحد الكتاب بحثاً تناول فيه رأي العالم الصحابي أبي ذر الغفاري في توزيع المال في الإسلام، وانتهى منه إلى القول بوجود الشيوعية في الإسلام، فأحالت وزارة الداخلية هذا البحث إلى لجنة الفتوى بالأزهر لإبداء الرأي فيه، فأصدرت اللجنة فتوى بهذا الصدد قالت فيها:

(إن من مبادئ الدين الإسلامي احترام الملكية، وأن لكل امرئ أن يتخذ من الوسائل والسبل المشروعة لاكتساب المال وتنميته ما يحبه ويستطيعه، ويتملك بهذه السبل ما يشاء. وقد ذهب جمهور الصحابة وغيرهم من الفقهاء المجتهدين إلى أنه لا يجب في مال الأغنياء إلا ما أوجبه الله من الزكاة والخراج والنفقات الواجبة بسبب الزوجية أو القرابة وما يكون لعوارض مؤقتة وأسباب خاصة كإغاثة ملهوف وإطعام جائع مضطر، وكالكفارات وما يتخذ من العدة للدفاع عن الأوطان وحفظ النظام إذا كان ما في بيت مال المسلمين لا يكفي لهذا ولسائر المصالح العامة المشروعة كما هو مفصل في كتب التفسير وشروح السنة وكتب الفقه الإسلامي).

وبع أن أشارت اللجنة في فتواها إلى ما يكون من تطوع القادرين بالإنفاق في وجوه البر عرضت لمذهب أبي ذر فقالت: (وذهب أبو ذر الغفاري رضي الله عنه إلى أنه يجب على كل شخص أن يدفع ما فضل عن حاجته من مال مجموع عنده في سبيل الله، أي في سبيل البر والخير، وأنه يحرم ادخار ما زاد عن حاجته ونفقة عياله. هذا هو مذهب أبي ذر، ولا يعلم أن أحداً من الصحابة وافقه عليه، ولقد تكفل كثير من علماء المسلمين برد مذهبه، وتصويب ما ذهب إليه جمهور الصحابة والتابعين بما لا مجال للشك معه في أن أبا ذر رضي الله عنه مخطئ في هذا الرأي. والحق أن هذا مذهب غريب من صحابي جليل كأبي ذر، وذلك لبعده عن مبادئ الإسلام وعما هو الحق الظاهر الواضح، ولذلك استنكره الناس في زمنه، واستغربوه منه. . .

ولما كان مذهبه داعياً إلى الإخلال بالنظام والفتنة بين الناس طلب معاوية والي الشام من الخليفة عثمان رضي الله عنه أن يستدعيه إلى المدينة - وكان أبو ذر وقتئذ بالشام -

<<  <  ج:
ص:  >  >>