للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>

[شخصية ابن خلدون في كتاب الأستاذ محمد عبد الله]

[عنان]

للأستاذ مصطفى عبد اللطيف السحرتي

هيأت لي فرصة حسنة قراءة كتاب الأستاذ عنان الأخير عن ابن خلدون وتصفح مقالات بعض كتابنا المصريين في التعليق عليه، وبخاصة مقال الدكتور هيكل والأستاذ العقاد. وقد لفت نظري في مقال هذا الأخير ملاحظة تتضمن أن عنانا لم يتناول شخصية ابن خلدون في كتابه! ولعل الذين درسوا الكتاب يذكرون أن كل فصل من فصوله حوى مادة غريزة عن هذه الشخصية، وإن لم تجمع هذه المادة في فصل مستقل.

فلقد أفاض المؤلف كثيراً في ذكر صفات ابن خلدون الخلقية والعقلية أي في العناصر المهمة التي تقوم عليها كل شخصية. ولعل كتابه وعى من هذه الصفات أكثر مما وعى عن تراثه الفكري الذي لازال الكثير منه مبثوثا في طي مجهول.

أبرز الأستاذ عنان صورة تقارب الحقيقة من صفات ابن خلدون المنيرة والمظلمة أبرزها كما هي بين النور والظلمة، كما يفعل النابهون في كتابة التراجم. ووقف من شخصيته موقفاً نزيهاً.

فلم يقف منه موقف المحامي الذي يدافع عن الحقيقة حيناً، ويستخدم فصاحته في الظفر أحياناً، بل وقف موقف القاضي النزيه الفطن الذي لا هم له إلا الوصول إلى الحقيقة، والحقيقة دون سواها. وهذا هو موقف المؤرخ العلمي.

فها نحن أولاء نراه لا يقطع برأي في خلال ابن خلدون حتى يرجع إلى الثقات الأذكياء من المؤرخين، ويتخذ مقاييسه في الحكم من أعماله وتصرفاته. ونراه أيضاً يربأ بضميره أن يطاوع بعض الكتاب في الزراية بابن خلدون ونسبة القبيح إليه، لئلا يكونوا قد اندفعوا في هذا السبيل جريا وراء الانفعال الأعمى أو العاطفة الهوجاء. وبخاصة إذا علمنا أن لابن خلدون اعداء حداداً أسرفوا في ذمه، وتدفقت أقلامهم في الطعن عليه غيره منه وحقداً.

وقد حفل الكتاب بذكر صفات ابن خلدون الخلقية والعقلية إلا أنه مَرَّ مَرَّ الكرام على صفاته الجثمانية ومظهره الخارجي. فقد نقل إلينا المؤلف عن السخاوي أن ابن خلدون كان فصيحاً مفوهاً جميل الصورة، ونقل عن ابن حجر أنه كان يتمسك بزيه المغربي، ولم نعثر في

<<  <  ج:
ص:  >  >>