كانت ظاهرة التقليد التي قال بها العلامة تارد في أواخر القرن التاسع عشر وأوائل القرن العشرين، هي التفسير الوحيد عند علماء الاجتماع للحياة الاجتماعية؛ فظهور فرد قوي أو قائد شجاع أو مشرع كبير في مجتمع ما يمكن من خلق عرف جديد ينتشر بين الناس انتشار النار في الهشيم. ذلك لأن الناس على دين ملوكهم وحكامهم وقادتهم، يقلدون تقليداَ أعشى كل ما يبتدعه رعاتهم، ولقد ملك تارد بتفسيره هذا عقول العلماء ردحاً كبيراً من الزمن إلى أن ظهر العلامة الأمريكي الأشهر ماكدوجل، فطلع علينا بتفسير جديد هو على خلاف فيه مع نظرية تارد، وقد عرفت نظرية تارد بنظرية الدوافع. ولئن كانت معرفتنا بالدوافع قديمة قدم أرسطو، فإن الاهتمام بها لم يبلغ الحد العظيم الذي بلغته بعد أبحاث ماكدوجل. لقد كشف لنا ماكدوجل في أبحاثه عن أثر الدوافع البيولوجية في الإنسان وأسرارها العظيمة ونتائجها العديدة، حتى لقد رد الحياة الاجتماعية كلها إلى هذه الدوافع البيولوجية الكامنة في الإنسان، ومن هنا كان أن عرف بأبي علم النفس الاجتماعي.
وقد كان من أثر أبحاث ماكدوجل في الدوافع أن ظهرت في معامل علم النفس مقاييس لقياس الحوافز والدوافع بطريقة دقيقة كل الدقة حتى لقد مكنتنا من معرفة درجات القوة والضعف في الدوافع العضوية الداخلية معرفة يسرت لنا تفسير أنواع الانحرافات النفسية والجنسية والاجتماعية أيضاً؛ فالسلوك الإنساني يرد في النهاية إلى الدوافع الداخلية، كما هو الحال مثلاً في سن البلوغ، إذ يشاهد أن تولد الميل الجنسي ناتج عن دافع عضوي، وهذا الميل الجنسي يقترن بتغيرات في الهيئة والسلوك، فيميل البالغ إلى الحياة الخيالية كما هو معروف في الحب الصبياني.
ويمكن تعريف الدافع العضوي بقولنا (هو كل حافز يدفع إلى فعل يتحول بالتحليل إلى حالة تنبيه، تثير الفرد وتدفعه إلى سلوك ما عن طريق مجموعات خاصة من العقد العصبية!!
ومن أهم الدوافع الداخلية، إفرازات الغدد الصماء التي تثير النزعات والميول والرغبات، وتحمل الشخص أن يقوم بحركة وأن يسعى نحو تحقيق الميل وإشباعه بطريقة أشبه بأن