للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

[البريد الأدبي]

رجعاق

١ - قرأت كلمة العالم الثقة المتواضع (أزهري (طنطا)) في العدد الـ٣٤٧. وفيها نبه الكتاب والرواة إلى أن أفلاطون هو الذي قال: (لا تقصروا (تقسروا) أولادكم على آدابكم، فإنهم مخلوقون لزمان غير زمانكم). ويحلو لي أن أعود إلى مناقلة ذلك العالم ومثاقفته، فأخبره بأن هذا القول ورد منسوباً إلى أفلاطون أيضاً، على قلم أسامة بن منقذ في (لباب الآداب) - مصر ١٩٣٥ ص ٢٣٧

٢ - كنت استشهدت في مقالي (مناقلة ومثاقفة) (الرسالة ٣٤٦) بكلمة بليغة لابن شبرمة، وهي: (ذهب العلم إلا غبارات في أوعية سوء). فذهب صاحب (الأدب في أسبوع) في العدد التالي إلى أن هذه الكلمة (تبدو له نصاً عربياً مظلم النور). فقال - معترضا -: إن تحرير روايتها يكون بوضع: (غبرات) (أي: بقايا الشيء) موضع: (غبارات). وجلب لأجل ذلك قولاً لعمرو بن العاص وآخر لأبي كبير الهذلي، وردت فيهما كلمة (غبّر) وجمعها (غبرات (المآلي)) لبقايا دم الحيض (المعذرة أيها القارئ!). ثم خرج المعترض من وراء (تحقيقه على التحرير والدراية)، يأمر الناس يقول: (فمن كانت عنده نسخة من العقد الفريد (طبعة بولاق) فليصححه)، (وذلك لأن تلك الكلمة مثبتة في العقد وروايتها (غبارات)).

ألا إن مثل هذا الضرب من التحقيق ينطوي تحت ما يسميه علماء الفرنجة لهذا العهد في المنهج الذي يجرون عليه في تحرير المخطوطات والمطبوعات: (التحكم في رفض رواية النص). ومنهج القوم في ذلك هو معتمدنا اليوم (وهو على كل حال سنّة العلماء من عرب وأعاجم في عهد ترسخ فيه قواعد العلم). وفي نقدي لكتاب (الإمتاع والمؤانسة) (الرسالة ٣٢٧) مثل على ذلك التحكم. وبيان هذا أن نص رواية من الروايات لا يرفض إذا صح لغةً وأداءً وبياناً؛ وليس للقارئ أن يستبد بذوقه فيحمل القدماء على أن ينطقوا على هواه أو على مبلغ (تحريره ودرايته)، وإن صحّ رأيه من جانب. وعلى هذا، فمعلوم أن الغبارات - أي الشيء الحقير القليل - تعلو الوعاء المهمل لفساد ما فيه وتطمئن في زواياه. فلا حاجة بك إذن إلى اجتلاب استعارة قد ينبو عنها بعض الأذواق. ولو كان استشهد المعترض بنص

<<  <  ج:
ص:  >  >>