نفض ياغنيني عن جسده ذلك الوشاح الشاحب، الذي حاكه المرض، وترك فندقه ليتنفس الهواء الرطب، وليرقب الحياة في شوارع باريس!
وما كاد يقطع في بهو الفندق خطوات، حتى لفت نظره على الباب امرأة بدا على لباسها البذخ، وعلى مظهرها الرفعة. . . كانت تتحدث إلى البواب، وتشير نحوه باهتمام!
وياغنيني ذلك الأحمق الذي يضيع الفرصة إذا واتته، لم يكن ذلك الذي زهد في النساء وابتعد عن الحب. . . لقد جاء باريس وهو يشكو المرض الذي أورثه إياه الحب، ويعاني الضعف الذي أخذه في الانهماك في طلب اللذات!
وأسرع ياغنيني وراء المرأة، ولكنها كانت قد اختفت عن ناظريه في منعطفات الطريق!
وراحت خطواته تذرع - الشانزليه - وتضرب رصيفه ضربات هادئة، متثاقلة. . . وبينما كان الموسيقار الشهير، ساحر النساء وفاتن عقول الفانيات، يسير على الرصيف مطرق الرأس، مشغول البال في المرأة التي أضاعها، وأفلتها من بين يديه، إذا به يلمح عربة فخمة، تترجل منها سيدة، وتدخل واحدة من هذه المقاهي المزروعة على الرصيف!. . . يا للمصادفة!. . . إنها هي بنفسها!. . . تلك المرأة التي رآها على باب الفندق منذ لحظات! وأسرع يدخل المقهى، ويتخذ مجلسه أمامها. . .
وحاول أن يلفت إليه نظرها، ولكن المرأة الجميلة، ذات الرأس الصغير، والشعر المرصع، الأبقع، والأنوثة الناضجة ما، كانت لتترك جريدة في يدها، وتلتفت إليه! ولم يطق صبراً. . .
كان إذا أراد امرأة حاول المستحيل ليظفر بها. . . هكذا خلقه الله، يشتهي النساء، ويلقى عندهن الخطوة!. . . ما ذنبه هو؟
وأرسل إليها على بطانته، كلمة صغيرة يسألها فيها أن يتحدث إليها. . . ودفع بها إليها مع النادل!
لم يصدق ياغنيني عينه، حين قرأ ردها. . أنها لترحب به وترجو بحرارة ألا يتردد في