(خلق الله تعالى الإنسان وأودعه بذرة كماله المنشود، ثم
المنشود ثم تركه للمعلم ينمي فيه هذه البذرة حتى إذا ما اشتد
ساعده واصل تربية نفسه بنفسه محققاً إرادة السماء)
,
بينت في المقال السابق ما بين الفلسفة والتربية من علاقة، وذكرت فحوى فلسفة التربية الحديثة لدى جون ديوي ومدرسته وسأتناول في هذا المقال معنى التربية وضرورتها وقدرتها:
أما معناها فكان وما زال موضع خلاف في التصور والتعبير، فمثلاً دائرة معارف تقول:(إن كل شيء يعلم الإنسان وان التربية على الخصوص هي صب الأطفال في قالب خاص)(أنظر فصل كيف نتصور التربية)(التربية تطور متناسق للملكات يتفق وطبيعة العقل)؛ هذا بينما يقول بستالوتزي:(كل عمل المعلم هو أن يمنع ما يعرقل طبيعة الناشئ حتى تستطيع أن تنمو نمواً طبيعياً على مثال صورة الله تعالى)، وبينما يقول ديوي:(التربية هي الأسلوب الذي يصير المرء في امتلاك متواصل متزايد لنفسه ولقواه، بواسطة الاشتراك المتواصل المتزايد في أعمال الجنس)
هذا ويعلل لنا الأستاذ أمين مرسي قنديل عدم الاتفاق على تعريف جامع مانع للتربية بقوله:(التربية من حيث هي علم لم يستقر، بعد فهي لا تزال في دور التحول والتكوين)(انظر أصول التربية والتعليم ج ٢ص٣٥)
ومهما يكن من شيء فالأستاذ هورن التربية على نحوين: نحو عام هو تلك (العملية) الطويلة الهائلة التي يتعلم فيها الجنس البشري تحت رعاية ذلك (الروح الأبدي) المتجلي في الطبيعة والإنسان؛ ونحو خاص هو (عملية) المدرسة منذ روضة الأطفال إلى نهاية المدرسة العليا. ولذلك كانت دراسة التربية من حيث معناها العام دراسة للمدنية بأجمعها