ودراستها من حيث معناها الخاص دراسة لتاريخها ومثلها الأعلى وفنها العملي وفلسفتها (انظر هذا عن معناها. وأما ضرورتها فها هو (هربارت) يقول: (إنها (أي التربية) مهمة دينية ورسالة مقدسة!) وهاهو (كانت) يزعم (أن الإنسان لا يصير إنساناً إلا بها)!! ولا شك إنا نستطيع أن نلمس ضرورتها في نواح عديدة أهمها الثلاث الآتية:
١ - الناحية النفسية
ذلك إنا إذا أخذنا طفل (الرجل المتمدن) وألقيناه في إحدى الغابات، وفرضنا أن الطبيعة سترعاه حتى يستطيع أن يطعم نفسه ويدافع عنها، لوجدنا أن نشأته بين الأشجار ستكون بدائية بحتة ترجع بالإنسانية آلاف السنين إلى الوراء
وكذلك قد لوحظ أن الطفل الاسكتلندي الأصل إذا ما انتقل إلى الوسط الفرنسي تغير كثيراً وأضحى غير زملائه في وسطه الأول
ومعنى هذا أن الوراثة الاجتماعية تعدل في الوراثة البيولوجية تعديلا خطيراً. ومادام الأمر كذلك فمجال (الإمكان) في التربية إذن فسيح، ومجال سلطانها على مستقبل الناشئ، بل والعالم كله، من حيث السعادة والشقاء، والتقدم والتأخر، إذن عظيم وخطير! يؤيد ذلك قول تورندايك في (إن التربية اعظم مساعد للناس جميعاً على تحقيق خيرهم المطلق) وقول الأستاذ آدم سمث في (إن الفرق في كثير من الأحيان بين الفيلسوف ورجل الشارع ناشئ في العادة من التربية اكثر مما هو ناشئ من الطبيعة)، وقول هيوم (هما المران والممارسة ينشئان العامل الماهر)
بل إن البعض ليذهب إلى اكثر من ذلك فهم يدعون أن علم الوراثة سيستطيع أن يقدم للتربية في الغد ما يمكنها من (خلق) العقل والجسم المنشودين!!
٢ - الناحية الاجتماعية
والإنسان فضلا عما تقدم كائن اجتماعي. ولما كانت الحياة في ذاتها نمو وتطور وتجدد كانت التربية هي الأداة الفعالة التي يستطيع المجتمع أن يحفظ بها كيانه ويجدد نفسه. وكلما تعقدت أساليب الحياة في المجتمع احتيج إلى تربية نظامية دقيقة، والأفراد يموتون ولكن الجماعة تبقى!، والصغير محتاج - كما يواصل حياة الجماعة فيما بعد - إلى أن يأخذ من