للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>

[إلى النائمين في العالم الإسلامي]

للأستاذ سيد قطب

نحن في مصر مشغولون لا نفيق، ليس لدينا وقت للتفكير فيما يدبره لنا اليهود بمعاونة العالم الصليبي. نحن مشغولون بالانقلابات الوزارية، مشغولون كذلك بالانتخابات: هل تكون بالقائمة أم بالوزن أم بالكيل؟ مشغولون بحكاية الاستثناءات، هل ترد لأصحابها أم لا ترد؟ ومن منهم ترد إليه استثناءاته ويزاد، ومن منهم يؤخذ منه ما معه. .

وهي أمور - كما - من الأهمية بحيث لا تترك وقتاً ولا جهداً للتفكير في أي شيء آخر

وفي هذا الوقت تقترب إسرائيل يوما بعد يوم من حدود سينا المصرية، المصرية اسماً وان كانت مصر لا تعرف عنها شيئاً، لأن السياسة اليهودية الإنجليزية عزلتها عن مصر طوال فترة الاحتلال، ولم يكن هذا العزل شيئاً عارضاً ولا أمراً غير مقصود، إنما كان وفقاً لسياسة بعيدة الغور، تتفق مع أطماع اليهودية العالمية

إن شبه جزيرة سينا يشتمل على أقدس مقدسات اليهود. فمن جانب الطور الأيمن نودي موسى، وعليه تلقى الألواح، وبه صخرة العهد. وسينا هي أرض التية. . لذلك كله ترف حول سينا أطماع اليهود التاريخية، ويربى أبنائهم على عقيدة أن جزيرة سينا هي قلب مملكتهم الموعودة، وما فلسطين ألا جزءاً صغيراً من تلك المملكة التي تضم سينا وفلسطين وشرق الأردن وقسماً من سورية والعراق حتى الرافدين

وعلى هذا الأساس هم يعملون منذ أجيال، وفي سنة ١٩٠٦ وفدت على مصر لجنة إنجليزية يهودية قضت في سينا خمس سنوات كاملة، تفحص عن كل شيء فيها، وتنقب عن المياه الجوفية والأراضي الصالحة للزارعة، والمعادن والطبيعة الجيولوجية بصفة عامة، والمناخ والطرق والأهمية الاستراتيجية، وعادت ومعها تقرير شامل يثبت أن سينا صالحه لإسكان مليون نفس وأعاشتهم

وقد عني الإنجليز بعزل سينا عن كل نفوذ للحكومة المصرية، وكان محافظ سيناء (جارفس) الإنجليزي هو حارس شبه الجزيرة أن تمتد إليها عين مصرية، وأفهموا المصريين أن هذه الصحراء لا أمل فيها ولا ضرورة للاهتمام بها، لأن المياه الجوفية فيها لا تصلح لخلق حياة مستقرة، وكان هذا كله لحساب اليهود الذين يسيرون دفة بريطانيا

<<  <  ج:
ص:  >  >>