لاح محمد كنجم شارق في دياجي العصور الوسطى فاختط طريقاً جديداً لعالم جديد ودين جديد، يعمل على فك قيود العقل من عبودية التقاليد والوهم ومن التعصب الديني والجنسي. على أن شمس الفكر وان كانت قد سطعت في أحضان الشرق فقد ظلت محجوبة بحلكة هذه العصور في الغرب فلم يستطع مفكروا العصور الوسطى في أوربا أن يخرجوا من هذا النطاق المضطرم بنزعات التعصب الديني ليلتمسوا نور الحقائق المجردة عن الهوى ولينطلقوا بالأفكار حرة غير مقيدة، ولذا لم يكن مستغرباً أن يلاقي محمد الطعن السافر في ذلك الزمن، وألا يرتفع صوت واحد بعيداً عن التشويش والتعصب، فطعن في شخصيته واتهم بالتلفيق والشعوذة، واستهجنت رسالته ووصمت بالكفر والانتحال. فنرى دانتي كأحد المفكرين البارزين الذين هيأ لهم القدر أن تكون حركة النقلة إلى عصر النهضة على أيديهم يقسو في حكمه على محمد فيضعه في الطبقة الثامنة في الجحيم مع المشعوذين الذين كتب عليهم الخلود أبداً في نار جهنم، وجريمته في رأيه إنه مدع دعا إلى تخليص العقيدة من كل شرك - ولم تكن المسيحية آنذاك يمكن أن تتصوره بأية حال. والواقع أن أرى دانتي في محمد معبر من خلال العصر الذي عاش فيه - فهو نفسه أي دانتي عاش في أواخر العصور الوسطى حيث كانت روح التعصب ما زالت تسود العقول، وحتى الآن مازال محمد خصماً في نظر بعض الأوساط الأوربية المفكرة ينظر إليه على إنه النبي الكاذب الذي ادعى بهتاناً إنه نبي الله.
أما في القرن الثامن عشر، وهو الذي أطلق عليه الباحثون القرن المضيء - فقد كان عصر تطور فكري واجتماعي عميق فبدأ فلاسفة هذا القرن ينظرون بنية خالصة إلى أصحاب الحركات الدينية الغير مسيحية، ويقدرون خلالهم الطيبة محاولين جادين أن يهدهدوا نعرة التعصب التي كانت تشل حرية التفكير فضلا عن انهم لم يجدوا باساً في تلمس الحقائق التي لا ضرر في الكشف عنها على سلامة المسيحية، وكانت هذه المرونة في التفكير مفيدة للإسلام فرأينا من يكتب عن محمد ورسالة محمد بنزاهة وإنصاف وإن وجدنا في نفس هذا القرن المضيء أولى العلات وأصحاب المآرب الذين لم يتورعوا عن