لقد تأثرت الحياة السياسية والثقافية لحضرموت، في خلال عدة قرون على أقل تقدير، تأثيراً عميقاً بما طبعتها به عدة أسرات شهيرة من السادة نذكر من بينها الأسماء القليلة الآتية: السقاف، وعيدروس، وبا فقيه، وبا علوي. وفي القرن الحادي عشر الهجري أخرجت أسرة السقاف التي كان مقرها في ذلك العهد غالباً في تريم وابلا من الأدب الصوفي، وطبعاً أخرجت الأسرات الأخرى كذلك مجموعة غير صغيرة من المؤلفات الصوفية. وقد طبع من مؤلفات السقافين عدد ما في خلال القرن الماضي. ولم يقتصر نفوذ السقافين على كليتهم أو مدرستهم التي كانت في تريم بل كانت لهم كذلك صلة بضريح عينات المشهور، الذي تظهر صورته على طوابع البريد الحضرمية، وكان نفوذهم وعلاقاتهم تمتد في ذلك الحين - كما تمتد اليوم - إلى أفريقية الشرقية وإلى الهند ولا سيما أحمد آباد؛ بل ربما كانت لهم علاقات بالجاليات العربية في جزر الهند الشرقية. ومن المعلوم لنا أن الأسرة كانت مزدهرة منذ عهد يرجع على أقل تقدير إلى القرن التاسع، ومن عجيب ما يروى أنه هناك شخص سمي حسين بن أبي بكر السقاف أنكر على تدخين التبغ الذي كان يباع في جزيرة العرب في سنة ١٠١٢ هجرية، وقد نجح في الحصول على حظر بيعه العلني في الأسواق! وأشتهر السقافون بأنهم صوفيون غيورون، وارتحلوا في بقاع الأرض برسالتهم الصوفية، وتقبلوا العباءة الصوفية من أعضاء الجمعيات الصوفية الأخرى.
ومن ثم لم يكن غريباً أن يكون اليوم للحضرميين حي يقطنون به في القاهرة، بناحية الجمالية، على مقربة من مسجد سيدنا الحسين، وقد نشر عدد من الكتب الحضرمية أحدهما تأليف كاتب سقافي. ويحتوي هذا الكتيب على ست قصائد في مدح الإمام يحيى، نظمت في