تتجه أكثر عناية مؤرخينا القدماء إلى تعيين وفاة من يؤرخون وقد يقدرون عمره يوم وفاته أحيانا ولكن ذلك نادر، أما يوم ميلاده فاقل ما يأبهون له أو يتحرون صدقه. وانك لواجد كتاب وفيات الأعيان وفوات الوفيات ولكنك لا تجد كتاب ميلادهم غالبا. ومع هذا فإن الاختلاف على سني الوفاة عظيم جدا قد يبلغ الخطأ فيه أحيانا نصف قرن، ووفاة أبي المظفر الأبيوردي مثال لهذا الاختلاف بينهم، فبن خلكان ومن نقل عنه يعينون سنة وفاته في عام٥٥٧ هـ. وياقوت ومن روى عنه يعينونها في عام٥٠٧ هـ. ولقد قرأت كل من ترجم للأبيوردي من قدماء ومحدثين مما عثرت عليه مخطوطا ومطبوعا، فلم الق واحدا تنبه لهذا الاختلاف بله أن يبحثه ويحققه مع طول المسافة بين التاريخين وإنفساح مجال البحث فيهما، فدائرة معارف البستاني وشارح الديوان والزركلي الشاعر في أعلامه من المحدثين يتبعون رأي ابن خلكان ولعلهم نقلوا عنه ساهين سهوت العلماء، ودائرة المعارف الإسلامية تؤكد رأي ياقوت فأيهما الصحيح يا ترى؟ أو أيهما اقرب إلى الصحة أن شئنا التوفيق؟!
إن في تحليل الوقائع التاريخية شفاء من هذا الكسل العقلي، ولنقرا ديوان الشاعر نفسه ونتجه إلى من مدحهم أو اتصل بهم، فإن تجاوز أحدهم نصف القرن السادس، فالابيوردي زميله.
واكثر قصائد شاعرنا في المقتدى (توفى عام ٤٨٧هـ) والمستظهر (توفى عام ٥٢١هـ) ونظام الملك (قتل عام ٤٨٦هـ) وعميد الدولة (قتل عام ٤٩٣هـ) وسيف الدولة صدقة بن دبيس (قتل عام ٥٠١هـ) وشيرويه (توفى عام٥٠٩ هـ). . فهؤلاء جميعا ماتوا حول أواخر القرن الخامس وأوائل القرن السادس مما يؤكد رأي ياقوت أن وفاة شاعرنا كانت سنة ٥٠٧هـ إذ كانوا كلهم معاصريه.