كتبت مقالا في مجلة (الثقافة) عن الشوامخ سلكت فيه طريق الناقد المعنى بتبيان الحقائق، وعرض المآخذ، في أسلوب علمي يورد الحجة، وينأى عن التجريح
أوردت ملاحظاتي على أبواب الكتاب، وبينت ما يشيع فيه من الاضطراب والاستطراد، وما يرد من أقوال عامة، يقع فيها أكثر الذين يأخذون العلم عن الصحف وحدها، تتناقض حيناً، ولا تثبت للبحث دائماً
وانتهيت إلى (أن هذه الصفحات المائة تتحدث عن الأدب العربي من امرئ القيس إلى مطران، وإن المؤلف كان حريصا على إيراد كل علمه فيها، فران عليها الاضطراب والاستطراد، وأنها لا تعدو الإيراد المقتضب والنظرات العجلى)
ثم لم أغمط المؤلف حقه فقلت:(لكنها في الحق من قبيل التعبير القريب الهين عن إعجاب قارئ بشاعر اطلع على بعض شعره، وطائفة من أقوال الناس فيه. ومن هنا فهي حقيقة بالحمد من مؤلف يعتبر نفسه مؤرخا سياسياً)
لكن الدكتور المؤرخ، هاج وماج على طريقته، ونقم على حظه العاثر، وتبين نفسه في موضعها القلق من هذا العالم الظالم العاتي، وبلغ التشاؤم منه مبلغه، فضاق بالدنيا وبكل ما فيها من معان ومن فيها من ناس. . .
ومن حسن الحظ أن عقل الإنسان، أو بعض بني الإنسان، يجد لصاحبه مخارج من المآزق دائماً، فهدى الدكتور عقله الكبير إلى أن له أسوة، ويا لها من أسوة! فيما أصاب شوقي، وما أصاب البحتري وفكتور هوجو من قبله. . . قد تعرضوا لهجمات النقاد وقد صبروا، وما أجدره أن يصبر، وألا يحمل نفسه ولا أهله مكروها. ولهذا اطمأن واستراح
هذه خلاصة دقيقة لمقال الدكتور الذي صاغ مادته، وأعتذر للقراء من إيراد بعض ألفاظه، من (البقر) و (الحمير) و (النطح) و (الدجل) و (الجهالة) و (الشذوذ) و (الفوضى)، وما إليها من مسارح ندع الدكتور الأديب المؤرخ يجول فيها ويصول، ونمر باللغو كراما
وأبرئ نفسي من مناقشته الحساب في هذا، فنحن لم نتعلم هذا اللون من القول، ولم نصطنعه فيما مارسناه من نقد سنين طويلة. وأختتم حديثي بنقد الكلمة التي اعتبرها المؤلف