قلنا غير مرة إن الصهيونية والشيوعية أقنومان لعنصر واحد فما صدقوا، ونقولها مرة أخرى بالدليل المحسوس.
بين يهود فلسطين القدماء والجدد نحو ٤٥ بالمائة بولونيون، أي نحو ٣٥٠ ألفا تسربوا إلى البلاد، قليلهم قبل الحرب وكثيرهم في أثنائها وبعدها. وفي وارسوا عاصمة بولونيا المقام الرئيسي للصهيونية. وما الوكالة الصهيونية في فلسطين إلا فرع لتلك. والأصل البولوني أصبح نقطة ارتباط بين موسكو وتل أبيب. لأن الصهيونية لما رأوا أن قضية دولتهم المنتظرة أصبحت في الميزان صاروا كالأخطبوط. يمدون أيديهم إلى كل مكان لكي يتمسكوا ويتشبثوا.
لما رأوا أن بريطانيا لا تستطيع أن تضمن لهم دولة إسرائيل لأنها لا تريد أن تبيع صداقة العرب بخيانات صهيون، رأوا أن يعتصموا بدولة السوفيت لعلها تشد أزرهم، أو أنهم بهذا الاعتصام يتهددون بريطانيا وأمريكا عدوتي روسيا.
ولكن السوفيت عدوة الرأسمالية، واليهود أمراء الرأسمالية، فليس سهلا التوفيق بين إسرائيل والسوفيت. ولذلك
نشأت نقطة الارتباط بين الجانبين في وارسو عاصمة بولونيا، وتولت الوكالة الصهيونية هناك مزج الزيت بالماء. فكانت تعاليمها ليهود فلسطين الجدد أن ينظموا أحوالهم طبقا لاشتراكية كارل ماركس ما استطاعوا إلى هذا سبيلا. ففعلوا ذلك في معظم مستعمراتهم المستجدة. فإذا زرت أية مستعمرة صهيونية في فلسطين رأيت سكانها مشتركين في الإنتاج والإنفاق، حتى إنك تراهم في المستعمرات الصغيرة يأكلون على مائدة واحدة على اختلاف أسرهم، كا فعل الأثنينون القدماء ردحا من الزمن حين كانوا يجربون الجهورية. فعل اليهود هذا في فلسطين، حتى إذا زار مستعمراتهم هذه شيوعيون روسيون أرسلوا تقارير إلى موسكو عن نظامهم هذا إقناعا لحكومة ستالين بأن الشعب الصهيوني ليس رأسماليا.
وكانت الوكالة اليهودية في وارسو تحاول أن تقنع موسكو بهذا الواقع. وكانت عصابة شترن تقوم بالدعاية لهذا الوضع، وكانت فظائع العصابات الصهيونية تتطاول على قوات