اتجه خاطري نحو هذا الموضوع بعد قراءة تعليق (الرسالة) على خطاب الآنسة حياة التي تشكو من أن أصحاب (الرسالة) قد حرم المرأة أن يكون لثقافتها مظهر في مجلته بجانب ثقافة الرجل، ورد صاحب الرسالة بأنه لم يرد أن يسمح للرجال بالتحدث عن شؤون النساء الخاصة. ولست أفهم تماماً المقصود بشؤون النساء، أهي أمور الدار وتربية الأطفال، أم المراد مساهمة المرأة في ميدان التحرير وطبع الأدب بطابعها الأنيق الخاص، بصرف النظر عن الموضوعات النسوية البحتة؟
وسواء أكان المقصود الأمر الأول أم الثاني أم الاثنين معاً فأن موضوع ثقافة المرأة العامة، هو ما ينبغي أن يبدأ ببحثه حتى نتبين ما إذا كانت ثقافة المرأة تنحصر في دائرة خاصة، وهل يحسن أن يكون لها تعليم وتهذيب يختلفان عن تعليم الرجل وتهذيبه.
وقد لا يكون من غير الملائم لفت الأنظار إلى هذا الموضوع في الوقت الذي تطور فيه تعليم الفتاة في العشر سنين الأخيرة تطوراً عظيماً، فبعد أن كان تعليمها قاصراً على بعض الفنون المنزلية ومبادئ القراءة والكتابة وقشور اللغات الأجنبية، أصبحت تتلقى من العلوم ما يتلقى الفتى في المدارس الابتدائية والثانوية، كما أصبحت تدرس معه جنباً إلى جنب في الجامعات.
وبالرغم من أن مصر لم تبتدع ذلك النظام، وإنما نسجت فيه على منوال الأمم الراقية التي تأخذ عنها جل نظم الحضارة والعمران، فأن ذلك الانتقال لم يتقبله الكثيرون قبولاً حسناً بعد، لأنهم يرون فيه ضياعاً لوقت الفتاة التي خلقت لأن تكون أماً، زاعمين أن سيكولوجية المرأة وتركيبها النفسي، ووظيفتها في الحياة تستدعيان أعداداً خاصاً وتعليماً غير تعليم الرجل. ويظهر أن أنصار هذا المبدأ لهم تفسير خاص، لأغراض التعليم ومعنى الثقافة! أما ما يفهم عادة من الثقافة فهو كل ما من شأنه تهذيب النفس وصقل العقل وتقويم العاطفة وتوسيع المدارك وعلى ذلك يدخل تحت الثقافة العلوم بأنواعها والفنون والآداب والأخلاق، وكل ما يكتسب المرء من تجارب وتعليم عملي في الحياة. ولما كان هذا النوع من الغذاء العقلي والروحي لا يستغني عنه الإنسان الذي يصبو إلى الكمال، وكانت المرأة إنساناً لا