بمناسبة ما أثير من جدل حول تيسير قواعد اللغة العربية يصح للإنسان أن يبحث في تسهيل الدراسات الدينية أيضا، فأنها في حالها الحاضر من الصعوبة والعقم بحيث تستدعي البحث وكثرة التفكير، ولعل هذه الكلمة تفتح الباب للباحثين. والله الموفق.
لاشك أن الدراسة الدينية في حالها صعبة، وغير مؤدية إلى فائدة، لاسيما في تعليمها العالي، وبالموازنة بين الماضي والحاضر يظهر الفرق العجيب.
لما كان الرسول عليه الصلاة والسلام يقوم بتبليغ الدين، عملا ًبقوله تعالى:(يا أيها الرسول بلغ ما أنزل إليك من ربك، وإن لم تفعل فما بلغت رسالته) كان الرجل يأتي إلى النبي صلى الله عليه وسلم وهو على دين مما يعرف الجاهليون إذ ذاك فيمكث عنده ساعة من زمان يتلو عليه النبي فيها بعض آي القرآن الحكيم، فيقوم الرجل من عنده وهو مسلم حسن الإسلام، مؤمن كامل الأيمان، عالم بما أوجبه الله وما حرمه عليه.
واليوم يذهب المسلم المولود من أبوين مسلمين إلى أعلى معاهد العلم الديني فيشتغل بضع عشرة سنة، ثم يرجع إلى قومه وقد زادت الفوارق بينه وبين الدين كما زادت بينه وبين الناس.
وكان الناس يدخلون في دين الله أفواجاً، فيتلقفون القرآن ويتدارسونه، فيملئون الأرض علماً وحكمة، كما يملئونها طهراً وعدلاً وصلاحاً.
واليوم يتخصص أوفرهم ذكاء، وأكثرهم اجتهاداً، وأصبرهم على الدرس، سنوات عديدة وقصاراه أن يحصل بعض ما علموه، وبتحلي بحفظ بعض ما قالوه. واليوم يدرس الدارس بضع عشرة سنة ويظل العامي أكثر منه ورعاً وتقوى.
بهذه الموازنة يظهر بكل وضوح أن تعليم الدين في الماضي كان مؤدياً أجل النفع، وأعظم الفائدة، وأنه في الحاضر قليل النفع والفائدة، بل ضار أعظم الضرر.
فالامَ يرجع السبب هذا الاختلاف بين الماضي والحاضر؟ هذا سؤال لم يكن أحد ليعيا بالجواب عنه إذا علم من أين كان يؤخذ الدين بالأمس، ومن أين يؤخذ اليوم.
إن المسلمين كانوا يأخذونه من القرآن، ثم صاروا يأخذونه من غير القرآن، وما القرآن