للعرب موطن واحد أو مواطن متصلة، مترامية بين هضب إيران وبحر الظلمات. وسعة هذا الموطن لم توهن الصلات بين أرجائه المتنائية، فكانت متعاونة متواصلة، على حين لم يكن للناس من وسائل الاتصال وطرق التعارف ما كشفت لهم الحضارة الحديثة، وقد خضعت هذه البلاد كلها حيناً، ومعظم البلاد الإسلامية الأخرى لدولة واحدة الكلمة العليا فيها لرجل واحد، يشرف على هذه الأقطار الواسعة ويدبر أمورها العليا. وكأنما زويت للعرب جوانب الأرض فتدانت أطرافها أو كأنها كانت مصورة على خريطة، كما قلت في الخليفة الوليد:
دانت لسطوته البلدان واجتمعت ... في همة العرب أقطار وأمصار
كأن ما بين شيخون وقرطبة ... على الخريطة للرائين أشبار
فكيف وقد قرب العلم والصناعة ما بين أقطار العالم كله، وصار ما بين مشرق الأرض ومغربها أيسر على المسافر وأقرب مما كان قديماً بين أرجاء القطر الواحد. كيف وقد صار الإنسان وفق الأستاذ روحي كل التوفيق في تخليصه هذه البحوث الجيدة التي أكسبها أسلوبه الطريف طلاوة وحلاوة. والكتيب هو الحلقة الثانية من سلسلة (اليقظة) السورية التي تنسج على منوال (اقرأ) المصرية، والتي نتمنى لها الرواج الذي تستحقه
٣ - عرفت ثلاثة آلاف مجنون
هذا كتاب مؤلم في حياة المجانين وأحوالهم، ألفه الدكتور آر. سمول، وعربه الدكتور فائق شاكر، والأديب حافظ جميل (مطبعة التفيض - بغداد) وهو يحوي ثمانية عشر فصلاً في أخبار المجانين وأسباب الجنون، وطرق ترويضهم ونوادرهم المشجية، في قصص شائق وتحليل سيكولوجي فريد. والكتاب لا يستغني عنه الطبيب ولا المربي ولا المراهق، ولا كاتب القصص ولا المشتغل بالتحليل النفسي. ولا عيب في الكتاب إلا فوضى الأخطاء المطبعية التي يجب تداركها في الطبعة الثانية