للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>

[أثر الآداب الأجنبية في الأدب الفرنسي]

للأستاذ صلاح الدين المنجد

أن لامتزاج الآداب بعضها ببعض، أثراً بالغاً في ازدهارها ونموها، لما في ذلك من لقاح مثمر وإحياء باهر، ولما تكتسبه من أناقة في العرض، وطرافة في التصوير، وبراعة في الخيال، ورهافة في الذوق

ولعل ازدهار الأدب العربي في العصر العباسي آية على فائدة اللقاح في الأدب وطيب جناه، فقد حليت نغماته، وطرُفت ألوانه، وتدفقت الحياة في صوره وتهاويله، وخرج من الجمود إلى الحركة، ومن القيود إلى الانطلاق

وقد كان الأدب الفرنسي اكثر الآداب تأثراً بالآداب الأجنبية، ولعل اعظم رائعاته كانت من وحي البلدان المجاورة وآدابها. على أن هذا التأثير كان يقتصر على الفكرة، لا على الشكل في اكثر الأحايين

بدأت فرنسا تستمد من آداب الأمم المجاورة مادة لأدبها، منذ أوائل القرن السادس عشر. فقد كان القصاصان (مرغريت دُ فالوا و (برانتوم ينهجان نهج (بوكاتشيو) القصصي الإيطالي: حتى إذا كان النصف الثاني من هذا القرن ازداد هذا التأثير واتسع. فأسست طائفة من الأدباء مجمعاً لبعث الأدب الفرنسي سموه ورأسهم (رونسار) الشاعر، وكانوا معجبين بالشاعر الإيطالي (بترارك فتتبعوا أشعاره بالدراسة والترجمة والنشر، ونهجوا نهجه في نظمه وأفكاره. وفي الحقبة نفسها، أي في النصف الثاني من القرن السادس عشر، قامت في مدينة (ليون) في الجنوب، مدرسة خاصة لتمجيد آراء ذلك الشاعر الإيطالي وتقليد أشعاره

فلما جاء القرن السابع عشر، عكف (موليير) على المسرح الإيطالي يقتبس منه. وهذا الاقتباس واضح في ' وغيرها. وكان يحتفظ في أحايين كثيرة، بالنماذج الإيطالية نفسها

وظل تأثير الأدب الإيطالي في الأدب الفرنسي مستمراً. ففي القرن الثامن عشر، أولع الأدباء الفرنسيون بالآثار الإيطالية المسرحية (كرينار و (لوساج و (ماريفو أما في الشعر، فكان بعض المحدثين آنئذ، يقلدون (تانسيل ويستقون من (لوتاس

على أن القرن السابع عشر قد عرف أدباً آخر، أثَّر في الأدب الفرنسي؛ وكان ينبوعاً

<<  <  ج:
ص:  >  >>