للمؤرخين والرواة في تفسير كلمة (العرب) و (عرب) أقوال وروايات لا تخرج أكثرها عن دائرة التفسيرات اللغوية المألوفة في تفسير كل كلمة عويصة وكل أسم من الأسماء القديمة. وعلى أكثر هذه الأقوال طابع التكلف والوضع.
أنت إذا ما أردت نموذجاً من تلك التوضيحات والروايات فاقرأ ما دون عن هذه الكلمة في كتاب (التيجان في ملوك الحميرين) مثلا وهو رواية وهب بن منبه المتوفى بصنعاء حوالي سنة ٧٢٨ للميلاد وهو إسرائيلي يماني يرجع في الأصل إلى نسب اليهود الفرس ثم أسلم. وإلى الروايات الأخرى المدونة في كتب التاريخ والأدب. ولا يهمنا نحن في هذا الباب البحث عن أسباب تلك التسمية ولا عن الدوافع التي دفعت القوم على وضع تلك القصص والحكايات، وكلها مدونة معروفة؛ وإنما الذي يهمنّا في هذا الفصل هو تاريخ هذه الكلمة والوقت الذي ظهرت فيه.
عرف المستشرقون في جملة ما عرفوه من النصوص القديمة نصاً آشورياً يعود عهده إلى الملك شملنصر الثالث ٣.) تحدث فيه الملك عن معركة سميت باسم معركة (قرقر) وهي معركة هامة حدثت في حوالي سنة ٨٥٣ قبل الميلاد بين الآشوريين وبين حلف من الإمارات والمشيخات التي كانت تكره الآشوريين. وقد ذكر النص في جملة ما ذكره من أسماء الذين انضمُّوا إلى هذا الحلف أسم إمارة عربية أسمها (عريبي) انضم أمير هذه الدويلة العربية إلى الحلفاء وأمدّهم بنحو ألف جمل وبعدد من رجاله الذين قاتلوا الجنود الآشوريين.
أما ذلك الأمير العربي الذي قاتل الآشوريين فكان (جندب)(جنديبو) ولا نعرف اسم أبيه إذ لم يتعرض النص لذلك. والظاهر أنه كان معروفاً عند الآشوريين فلم يجدوا ثمة حاجة تدعوهم إلى ذكر اسم أبيه. وهذا الملك هو أول ملك عربي ولا شك يذكر لأسمه في النصوص التاريخية المدونة في ملوك الشماليين.
وقد تغلب الآشوريين على ما يذكره النص الآشوري على رجال الحلف ونكلوا بهم تنكيلا شديداً ويظهر بصورة عامة من النصوص الآشورية أن العرب كانوا يعاكسون السياسة