الموضوع مطلوب للكتاب الذهبي بمناسبة انقضاء خمسين عاماً على إنشاء المحاكم الأهلية. فهل يجب أن يقتصر على المرافعات القومية كيف كانت لغتها قديماً وكيف تطورت وإلام انتهت وكيف يجب أن تكون؟
أهذا هو محور البحث؟ أم إن له مدى أبعد ودائرة أوسع؟
الحق إن نواحي الموضوع حسبما يوحي عنوانه أكثر من أن تعد أو تحصى. لقد كان للناس محاكم منذ أقدم العصور وفي جميع البلاد المتمدنة، ولكل عصر من عصور التاريخ، ولكل بلد من بلاد المعمورة، مميزاته في تسيير العدالة وما يرتبط بها، ومنه ما نحن بصدده. ثم إنك إذا تحدثت عن لغة المرافعات استحال عليك أن تقصر بحثك على نحو الكلام وصرفه وباقي صفاته اللغوية؛ بل أنت تريد إلى جانب هذا أن تنظر في الأحكام والمرافعات من حيث الأسلوب، واختيار اللفظ، وترتيب الكلام، ومراعاة المناسبة، وملاحظة الصوت والإشارة. ثم إن الموضوع ذو شقين بطبعه، إذ أن لغتك وأنت جالس للقضاء غيرها وأنت قائم للدفاع. ثم إن الحال في مصر تختلف عنها في أكثر بلاد الدنيا، فنحن هنا نطبق أحكام قانون نبت في بلاد أجنبية ولم تحتضنه لغتنا إلا منذ قريب. فأكثر المشتغلين بتطبيقه قد درسوا مبادئه ثم تعمقوا في أصوله بغير اللغة التي يكتبون بها أحكامهم أو يعدون بها دفاعهم
أي ناحية من هذه النواحي الكثيرة المتعددة يجب أن تعالج في مقال أكبر الظن أن الحيز المخصص له محدود وسط الأبحاث الهامة القيمة التي سوف ينطوي عليها (الكتاب الذهبي)؟
لقد فكرنا في الأمر ملياً فانتهينا إلى أنه خير لهذا المقال إذا انفرجت حلقة البحث فيه