للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>

[حول نظام الطبقات]

فلاحون وأمراء!. . .

جلست كعادتي في عصر كل سبت أفكر في موضوعيَ الأسبوعي للرسالة، فتردد على خاطري المكدود معانٍ شتى من وحي الساعة وحديث الناس وحوازِّ القلوب، كمأساة حلحول في فلسطين، وصلة الجديد بالقديم في الأدب، فكنت أذودَها بالفتور والإهمال، لأن معنى من المعاني القوية كان قد استبد بذهني منذ الصباح فهو يراوده ويعاوده ويلح عليه حتى لم يكن من الكتابة فيه بُد. ذلك بيان النبيل عمرو إبراهيم رئيس نادي الفروسية الذي بعث به إلى الأهرام وطلب إليها أن تنشره (كاملاً) في عدد اليوم. والذي استفزني من هذا البيان لَهجته الأميرية المنتفخة في الرد على رئيس الوزراء، والطعن في بعض الكبراء، والدفاع الظنين عن نظام الطبقات، والتفسير المجازف لكلمتي الفلاح والديمقراطية، والتلميح المختزل إلى الساميَّة والطورانية؛ فإن هذه مسائل دقيقة ما كان ينبغي للنبيل أن يعرض لها بهذا الاستكبار، في بيان دفاعيّ لا يجوز أن يخرج فيه عن التنصل أو الاعتذار!

لست والحمد لله من طبقة أولئك النادين إلى هذه (الكُلبِّات) التي

تتضاءل فيها الديمقراطية بين أرستقراطية الدم أو المال أو المنصب فلا

أزعم أني سمعت الأشداق الملوية تأمر، ورأيت الأنوف الوارمة

تمتعض؛ ولكني قرأت كما قرأ الناس ثورة رئيس الشيوخ وزارة رئيس

الحكومة، فعلمت والأسى يحز في الصدر أن بعض الذين جعلناهم

أمراء ونبلاء لا يزالون على عقلية ذلك التركي الفقير الذي كان يقرع

الأبواب مستجديا فإذا أجابه المجيب الفزِع قال له في عنف وصلف

وأنفة: (هات صدقة لسيدك محمد أغا). ولا أدري ما الذي سوغ لهم أن

يعتقدوا أن الله خلقهم من المسك للمِلك، وخلقنا من الطين للطين؛

وجعلهم للثروة والسيادة، وجعلنا للخدمة والعبادة؟ إن كانوا مسلمين

فالإسلام قد محا الفروق بين الطبقات إلا البر والتقوى؛ فالعرب والعجم

<<  <  ج:
ص:  >  >>