(. . . في هذا الفصل، والفصل الذي يليه، والذي تنشره الرسالة في العدد القادم، يتحدث (روبير جاكسون) عن الشهيد (حسن البنا)، حديث ما سمعه وما عرفه منه، وقد أطلق عليه عنوان (مولد العملاق). وتبقى بعد هذا خطوط (عريضة) لفصل مطول مسهب بعنوان (الإسلام عند حسن البنا). . . وقد بعث في طلبه من صاحبي صديق الكاتب الأمريكي وقد عولت على أن أجمع هذه الفصول مضافاً إليها فصل (الإسلام) في كتاب خاص. . أرجو أن يتاح له أن يرى النور قريباً. .
الجندي
كان لابد أن يموت هذا الرجل الذي صنع التاريخ وحول مجرى الطريق شهيداً. . كما مات عمر وعلي والحسين، فقد كان الرجل يقتفي خطواتهم.
مات في عمر الزهر النضير، وفي نفس السن التي مات فيها كثير من العباقرة ورجال الفكر والفن. . وقضى وهو يسطع ويتألق.
وعاش الرجل كل لحظة من حياته، بعد أن عجزت كل وسائل الإغراء في تحويله عن (نقاء) الفكرة وسلامة الهدف. لم يحن رأسه ولم يتراجع ولم يتردد، أمام المثبطات ولا المهددات. . وكان الرجل قذى في عيون بعض الناس، وحاول الكثيرون أن يفيدوا من القوة التي يسيطر عليها، فقال لهم إن أنصاره ليسوا عصا في يد أحد، وإنهم لله وحده.
وحاول البعض أن يضموه إليهم أو يطووه، فكان أصلب عوداً من أن يخدع أو ينطوي. .
وكان على بساطته التي تظهر للمتحدث إليه، بعيد الغور إلى الدرجة التي لا تفلت متصلاً به أو متحدثاً إليه من أن يقع في شركه. . ويؤمن بالفكرة التي يدعو إليها. وكان لا يواجه إلا من يعترض طريق دعوته، وكان يستر من لم يكشف خصومته. .
وكان لا يهاجم عهداً مادام هذا العهد لا يحول دون الامتداد الطبيعي لدعوته. . وكان يدخر قوته للوطن، ويكبر نفسه ودعوته من أن يكونا أداة صراع داخلي. . وظن بعض الناس أن