وعندما ظهر مؤلف فردرش كرِسْت وزميله جيزنر عن الفن القديم، كان مكان اجتماعهما أشبه شيء بأكاديمية للفن التقى فيها الكثيرون من أهل العلم والفضل من أولئك الذين كانوا يقرؤون كتب الفرنسيين منذ ساندِرت لعدم وجود غيرها من المؤلفات القيمة (والحديثة نسبياً) بغير اللغة الفرنسية.
وعلى رأس هؤلاء الأفاضل يوهان يواخيم فنكلمان الذي إليه يرجع الفضل الأكبر في توجيه العقل الألماني إلى وجوب معرفة الحضارات القديمة ودراستها، إذ بها وحدها يمكن إيجاد أسس النهوض ووسائل التوجيه المنتج وتحسين الموجود وإمكان الابتكار، كما كان له فضل عظيم في إيجاد الدراسات الجامعية المنظمة لعلم الآثار وتاريخ الفن.
وإلى جانب هذا الرجل يجب التنويه برجلين هما هيني وليبرت كما نذكر فون هاجدورن وهاينكن وفون شتوخ، الذين عملوا جميعاً على ازدهار هذا العلم بدافع من أنفسهم في كل إخلاص وصدق.
ومن أهم ما نذكره في مضمار تاريخ الفن القديم على وجه الخصوص تلك الحفريات الموفقة التي أجريت في بومبي بالقرب من نابولي في أواخر القرن الثامن عشر وفي هركولانوم وكذلك الأعمال الأثرية المساحية التي قامت بها البعثة الإنجليزية في أثينا برياسة ستيوارت وريويت والتي ترتب على النتائج الباهرة التي وصلت إليها وما أوجدته من روائع الفن خلال الحفر أن تحول الميل من البحث في روما إلى البحث في بلاد الإغريق عن كل ما تحويه أرضها من كنوز يزداد الإعجاب بها والولوع بدرسها كلما ازداد العثور على شيء من محيطها الهائل. فأصبح ميل العلماء شديداً، كل في مادة تخصصه، إلى الهيلينزم أو الثروة الإغريقية في منطقة هيللاز.
عندئذ ولكثرة ما عثر عليه بدأ الأفراد العارفون يجمعون التحف، وبدأت الحكومات تشجع